لماذا كل هذا الاذلال للنفس؟، في السابق كان المواطن مغلوباً على امره، فإذا لم يُضحك الملك او الامير يُقطع رأسه، لهذه الغاية جاءت فكرة المهرِّج الذي يلبس ثياباً فضفاضة ويدهن وجهه بالالوان، وساعة تراه يسقط على الارض او يضرب نفسه بأي شيء يكون بيده، ويظهر على انه أبله، فقط ليُرضي الملك.
اليوم الجميع يتلصَّصون من خلف شاشات هواتفهم، علهم يصطادون الفريسة التي تبحث عن هدية الاسد او السيارة او الوردة، وهي هدايا تتحول الى اموال سائلة من قبل الشركة على تيك توك بعدما تقتطع هذه الشركة النسبة الاكبر لها، وترمي الفتات للشخص الذي يُهين نفسه أكثر على الشاشة.
هل هذا الاذلال كله بسبب الدولار الاخضر، ماذا يعني ان يُلطخ شخص وجهه على الهواء مباشرة بأشياء مقززة بعدما يشترط عليه من سيدفع له ذلك، او يشرب انواعاً مقرفة من العصائر او المأكولات، والقيام بأفعال تُهين النفس البشرية.
عصر «التيك توك»، الذي حول الجميع الى نجوم باهتة يضحك عليهم الجميع، من إبتكره يُدرك انه في هذه الدول العربية التي يلهث شعبها وراء الدولار جراء الازمات، لن يقتنع بعد الان ان الدراسة والشهادة الجامعية هي التي ستحميه وتدخله معترك العمل، فالخرِّيج يجلس اليوم على قارعة الطريق، ومن لديه القدرة على تدمير الذات يجني آلاف الدولارات في ساعات «لايف» محدودة، وتاريخ الحضارات الذي نتغنى به، سيكون في المستقبل اكبر انجازات هذا المجتمع ان هناك من أكل بيضة نيئة على الهواء، او كشف عن مناطق حساسة من جسده، او ضرب وجهه حتى تضرج الدماء منه.