بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

1 آب 2023 12:00ص ذكريات آب اللهّاب ؟!

حجم الخط
اليوم هو الأول من شهر آب /أغسطس اللهّاب.. اليوم تتنازعني الذكريات الجميلة والأليمة الموجعة.. في مثل هذا التاريخ وُلِدَتْ شقيقتاي التوأم حنان وإيمان.. وفي مثل هذا التاريخ من عام 1972 التقيتُ على باب الجامعة الأميركية بشاب غريب.. هو طود شامخ وأسطورة من أساطير النضال لم يوجد له مثيل في الحياة.. إنه الولي مصطفى السيد صاحب الكف الكبير الذي اعتبرته صيداً إعلامياً كبيراً.. أشارت لي يده بأنّه يحمل همّا كبيراً أو مصيبة قد أصل من خلالها إلى صيد إعلامي.. لا أعرف من صاد الآخر.. هل أنا مَنْ صِدّتُه أو هو مَنْ صادني.. لكن التصميم على الصيد بالمحصلة أنّنا تبادلنا الصيد في آنٍ واحد.. وللحكاية قصة طويلة عريضة تُعتبر محطة تاريخية هامة  في حياتنا.. فقدتُكَ نعم.. أفتقِدُكَ نعم لكن ما قدّر الله شاء.. لك شآبيب الرحمة والخلود في جنان الخلد ولو كان ذاك الارتقاء إلى ربك أليماً؟!
نعم.. المواعيد مع هذا الشهر كثيرة ومتعدّدة في تاريخنا.. ولكن الحديث منها في الرابع من آب هو ذكرى «هيروشيما بيروت» بعد ضرب إسرائيل  للعنبر رقم 12 في مرفأ بيروت الذي كان يحتوي على نيترات الأومونيوم.. مثل هذا التاريخ حلّل ودمّر كل الأبنية القريبة من المرفأ وخطف أرواح الناس في المرفأ والأبنية والشوارع.. الأرواح ذهبت إلى خالقها لكن الحسرة عليها مستمرّة لأنها دولتنا العليّة والقابضون على مسؤولية المرفأ تنصّلوا من مسؤوليتهم.. حتى أنّ القضاء لم يعاقبهم وأهالي ضحايا المرفأ ما زالوا على مواقفهم يطالبون بمعاقبة المسؤولين إلى أنْ كُمَّتْ أفواههم بالتهديد والوعيد.. لا نعرف مَنْ صاحب نيترات الأومنيوم علناً لكن نعرف أصحابها بصمت؟!
في هذا اليوم الأليم طالني الخراب.. تخلّعت الواجهات الزجاجية وتطعّجت كأنها ورقة.. اخترب درابزين الشرفة الطويل وتحطم الزجاج والأقسى جُرِحَتْ شقيقتي.. ولولا لطف الله بعد عودتي من المكتب وحمل صينية القهوة إلى المطبخ لكانت قد جُزِّتْ رقبتي.. في ظل السواد الذي اقتحم بيتي واختفت الرؤية.. كُنتُ أمشي مُفسِحة الخيطان السوداء من الأمونيوم من أمام وجهي.. سائرة على الزجاج المحطم سعياً لنجدة شقيقتي..
نعم الخراب دخل بيوتنا لكن لم يساعدنا أحد.. والمساعدة الوحيدة التي جاءت  بعد أشهر على التفجير كانت أربعة ملايين ومئتي ألف ليرة وهي لا تساوي إصلاح واجهة زجاجية واحدة باعتبار أنّ متر الزجاج كان بـ95 دولاراً.. ربّي أنت خير المنتقمين فانتقم ممَّنْ كان سبب انفجار العصر وضياع الأرواح؟ّ
أخبار ذات صلة