بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

23 شباط 2018 12:24ص «عبد الفتاح» والحاج داوود!

حجم الخط
أمام مشهد المراكب البحرية البيروتية الغارقة في البحر وامام عيون صاحب المقهى الحاج داوود، لا اعرف لماذا تذكرت مشهد المراكب كانت تعبر المتوسط، وأنا اتطلع بفضول مع رواد المقهى الشعبي ومعي الحاج عبد الرحن بكداش العدو وامامي يجلس (شاعر الغربة) أحمد الصافي النجفي يتذوق قهوته المرة؟!
وبعد غروب شمس الحاج داوود، مشهد المقاهي في «الزيتونة» يكون ذاته من الخارج والبحر الأزرق يتماوج في عيون الزوار هو نفسه والتراجيديا الحيّة التي تخرج على سطح مياهه. من يقرأ (الكتاب الوثيقة) للزميل المؤرخ عبد الفتاح خطاب عن مسيرة مؤسس المقهى الرجل البيروتي النبيل يترأى له: «مراكب الأمس ومراكب اليوم والبحر لم يزل ابيض يتوسط بين ضفتين صارا كحد السكين».
ونتساءل مع المؤرخ (صاحب العدسة اللاقطة)؟! عبد الفتاح خطاب: «كيف يمكن محو تراث ولد مع عين التاريخ البيروتي». ومن يقرأ للمؤرخ نفسه «ناس من ورق» ومقدمة اهدائه جريئة (...) وكان بقلمه الرشيق يصرخ: كانت غربتنا شوارع رمادية واشجارا عارية وسوراً أحمر نترك على احجاره ظلالا الصغيرة. وكان الوطن وسط تلك الدهاليز والهياكل الخشبية، مقهى العم «داوود» شاحباً، مبتلاً بأمطار بيروتية.. بدموع العصافير. سقف يضمنا تحته جمعة من الأصدقاء الصادقين في المحبة والوفاء، لم تكن المحبة والوفاء، لم تكن الحياة قد لونت مشاعرنا بعد بعوادمها يقول المؤلف؟!
صار المقهى الداوودي جدرانا صفراء بلون الشمس في برد الصباحات، طاولات خشبية قديمة تحفّر بالاقلام على الواجهة حروفاً. خلف الباب، كان هناك شجرة حرمت من غايتها، على اغصانها كنا وأحمد الصافي النجفي نعلق المعاطف والآمال، بعيداً عن مدرستنا، والدفاتر والكتب والمدرسين. ونحن في طريقنا إلى المدرسة، فوجئنا بالمقهى حطاماً في حطام (البلدية الممتازة) هدمت المقهى لتوسع الطريق. الكرم يندرج في (قائمة العطاء) عند عمّنا الحاج «داوود» بمعناه الإنساني الشامل؟
ماذا عن (صندوق الذاكرة)؟!
هدوء المقهى زمان، علب سجائر كؤوس الماء، والشاي، الكراسي، تئن من وطأة تعبها وعرق الذين هجروها.
تراني والمؤلف والمقهى على زاوية رصيف من غربتنا نذرف دموعنا على تراثنا.


أخبار ذات صلة