لم ارغب امس بأن اعايد احدا من الامهات ، وهذا تقصير فاضح، ولكن كان هناك شيئ ما يعتصر في داخلي يمنعني من القيام بهذا الامر، انا من فقدت امها منذ سنتين ولم تنسَ حتى الآن حجم الالم الذي خلفه هذا الفراق الصعب.
ولكن هذا ليس السبب الوحيد لإحجامي عن معايدتهن فانا انظر الى امهات الجنوب وغزة اللواتي خسرن اولادهن بفعل العدوان الاسرائيلي، فكيف يمكن ان يمر العيد عليهن فمن سيعايدهن، ومن سيحمل الزهور والهدايا، فهذه مقاربة صعبة جداً.
فهن من يستحق التكريم لأنهن قدّمن فلذات اكبادهن كرمى للوطن وعزة هذه الامة انهن الأمهات اللواتي يستحقن اكليل الذهب الذي صنعه احد الملوك لاكثر من ابدع في مملكته.
ويحكى انه في احد العصور طلب ملك صناعة اكليل من الذهب لمن قدم انجازا كبيراً ، فجلس 3 رجال وامرأة في حضرة الملك وشرح الاول ما انجزه من كتب وابحاث، ليعود الثاني ويقدم للملك اجمل المنحوتات واللوحات، فيما عرض الثالث انجازاته الطبية التي انقذت الكثير من المرضى .
نظر الملك الى المرأة وسألها وانت ماذا صنعتي؟ فقالت له انا صنعت هؤلاء الرجال فانا والدة هؤلاء، فأمر الملك بوضع الاكليل على رأس المرأة فهي من يستحقه عن جدارة.
هي الام التي تستحق التكريم ولكن ليس بيوم محصور فقط بل يجب تكريمها كل يوم، وليس بالضرورة ان تقفل الطرقات من قبل الباحثين عن الهدايا والحلوى فالتكريم هو بأن تبقى الام في صلب اهتمام اولادها والعناية بها بطريقة لائقة.