حفلات ومهرجانات وسياحة واصطياف.. حجوزات شاليهات وفنادق وشقق مفروشة ممتلئة عن آخرها.. سهرات وليالٍ ملاح ونجوم بمئات آلاف الدولارات.. يضيئون ليل الوطن المظلم من بيروت إلى جونيه وجبيل.. فبرمانا وبيت الدين وبعلبك.. وسواها من أرجاء البلد..
وعلى المقلب الآخر.. زحام موظفين أمام ماكينات المصارف.. لسحب فتات رواتبهم إذا اعتبرناها رواتب.. أما موظفوا القطاع العام فحتى تاريخ كتابة هذه السطور.. لم يقبضوا ما يعيلون به أسرهم.. والأنكى من هذا كله ترانا نأكل بعضنا بعضاً.. تاجر يرفع الأسعار.. وصيدلاني يخبئ الأدوية.. ومصرفي ينهب «تحويشة العمر».. حتى غدا النهار أسود من عتمة ليل حالك..
اغتصاب طفولة.. انتهاك أعراض.. سرقات ونهب ونشل وقطع طرقات.. لا أمن ولا أمان ولو لمغادرة البيت لشراء ربطة خبز.. إنْ وُجدت أصلاً.. وتُصدم «كل كم يوم» بخبريات عن جماعات تتلهّى بالدين.. فتغسل العقول وتتعمق إلى الألباب.. بذرائع وحجج تعزف على وتر المعتقدات.. وضعاف النفوس وفقراء العقل والمنطق ينضوون ولو كانوا من حملة الشهادات..
وبعدما ظهرت علينا مؤخراً جماعة «جنود الرب».. أُتحِفْنا في أول أيام عيد الأضحى باكتشاف جثة شاب مغترب عارية تماماً.. على قارعة الطريق في حارة حريك.. لتُشير كل الدلائل إلى أنه من أتباع جماعة تُطلق على نفسها اسم «القربان».. مُتعلم ووضعه المادي ميسور وجاء لقضاء الصيف بين الأهل.. لكن في الواقع وقع الخيار عليه ليقدّم الجسد قربان تقرّب إلى مَنْ؟!..
والأنكى أن زوجته حاولت بعد أيام أن تنتحر بنفس الأسلوب.. وبعد «كان هيدا اللي ناقصنا».. هزة ورعب وزلزال ودمار نفسي وعشناها.. فمتى سيأتي النيزك ويخلّصنا من الجنون المستعر وقرابينه؟!