على مدى أكثر من 150 عاماَ.. والصحافة اللبنانية المكتوبة رائدة ومتميّزة منذ ما قبل عهد الاستقلال وبعده.. حيث تركت بصمتها في العالم العربي ككل.. وحركت دور النشر والطباعة والترجمة.. لكن في الزمن الرقمي والأزمات الاقتصادية والمالية التي تضرب لبنان والعالم.. بدأ الإعلام الورقي بالتقهقر.. من صحيفة «البيرق» إلى «السفير» وتاريخها النضالي.. مروراً بصحيفتي «المستقبل» و»الأنوار»..
واليوم تلوح في الأفق أخبار عن توقّف الزميلة «نداء الوطن» عن الصدور بدءاً من 29 آذار الجاري.. لتستمر إلكترونياً والسبب أزمة التمويل على أمل الحصول على مموّل.. لتبقى «النهار»، «الأخبار»، «اللواء»، «الشرق»، «الديار» و»الجمهورية» صوتاً للكلمة المكتوبة والمقروءة.. وإنْ كان من خلال نسب إصدار أقل من العادة.. بعدما قنّنت صفحاتها أيضاً..
إلى أى مدى ستصمد الصحافة المكتوبة في مواجهة التكنولوجيا؟!.. وإلى أي مدى سيستطيع عطر الحبر المضمّخ بالعرق والتعب مواجهة المواقع الإلكترونية.. وإلى أي مدى سيصمد القلم في مواجهة الـ»كيبورد» وعالمها الواسع؟!
أسئلة كُنتُ أتمنّى ألا أسألها يوماً.. لأنّني من مناصري الكلمة والورقة والحبر.. ولأنّ للورق حلاوة ملمسه والقراءة عبر صفحاته.. بعيداً عن الأجهزة اللوحية والهواتف المحمولة.. كما لأنّ التاريخ والإرث والأثر تصنعه الورقة.. أما الكلام عبر الشبكة العنكبوتية اللامتناهية.. يتلاشى مع أوّل جرّة mouse للتبديل بين موقع وآخر..
على أمل ألا تتبع الصحف المتبقيات الزميلة «نداء الوطن».. لاسيما مع احتفال جمهور المثقفين في لبنان بمرور 50 عاماً على إطلاق جريدة «السفير» التي توقفت بعد 42 عاماً على إصدارها.. و»الأنوار» بعد 40 عاماً و»المستقبل» بعد 20 عاماً.. بينما «البيرق» توقفت بعد حوالى القرن من الصدور..