تنتظر يوم الأربعاء من كل أسبوع.. تصل بتمام 7:30 صباحاً إلى مدخل المبنى.. فتجد «طابور على مد عينك والنظر» قد سبقك.. وكأنّهم افترشوا الأرض وباتوا ليلتهم على مدخل «المديرية العامة للإسكان».. تسأل الدركي عن موعد فتح الباب.. فيبلغك بأنه كل يوم أربعاء فقط لا غير.. من 8:00 صباحاً وحتى 12:00 ظهراً.. يعني 4 ساعات دوام في الأسبوع!!
يُفتح الباب وتنقض الجحافل على عتبات الدرج.. هذا إلى الطابق الأول للاستفسار.. وذاك إلى الثاني حيث مدير الدائرة.. وذلك إلى الثالث للحصول على ختم الأستاذ خليل أو توقيع زميله حسين.. أما الرابع فحدّث ولا حرج على باب الأستاذ صبحي.. والأنكى طابور مكتب مدام فاطمة..
وبما أنّني ذكرتُ في كل طابق إسمين.. لكن الواقع أنّه في كل طابق.. ما يزيد على 6 أو 7 موظفين «ما إلهم لزمة».. صغيرهم لامس أو حتى تخطى السن القانونية.. ما يعني بطالة مُقنّعة ومحسوبيات توزيع مهام قليلة على موظفين كُثُر.. لا يزاولون مهامهم إلا 4 ساعات في أسبوع يتألف من 5 أيام عمل بمعدل 7 ساعات في اليوم.. وذريعتهم «مأضربين» لكن الوقع أن أشغالهم الخاصة أجدى وأوْلى..
ما علينا تلتقي هناك بوجوه من كل الطوائف والملل والمذاهب.. يوحّدها الذل الذي يمارسه
«موظفو القطاع العام» على الشعب.. والحجة «ما عم نقبض وإذا قبضنا عم نقبض باللبناني».. يعني «بالعربي المشبرح: ما قدروا عالحمار بيستقوا عالبردعة».. وسير العمل بطيء والملفات مترامية هنا وهناك.. وبين أروقة ضيّقة لا تتسع لشخص واحد.. والكهرباء «عالفحم الحجري».. وطوابق المديرية تصل إلى الـ9.. و»طلاع ونزال يا مواطن.. لا موت يا مواطن.. مصعد ما في»..
والأهم لوائح تدعو إلى القضاء على الرشوة.. لكن جميعنا نعرف أنّه خلف الأبواب المغلقة لا يسير العمل إلا بالـ(...).. والأنكى من هذا كله.. موظف يترك الناس ذليلة طابور طويل.. بعدما أسمعهم كلاماً قاسياً بضرورة الخروج من مكتبه.. والانتظار خارجاً في الصف.. وبما أنهم لم ينصاعوا فانسحب مع «مدعوم 5 نجوم».. وغاب عن السمع والأنظار.. وطالت الدقائق حتى لامست الساعة.. والطلب يزداد على «الموظف الملك»..
و»بعدكم عم تقولوا موظّفين القطاع العام ميّتين من الجوع».. لا والله بل إنّهم ملوك على عروش نهب الشعب.. و»عيش يا كديش»!!