27 تموز 2019 12:00ص دردشة على الهاتف ... مع آرليت حنين

آرليت حنين آرليت حنين
حجم الخط
هي مُؤسِسة ورئيسة جمعية ومدرسة «أفانس» لداء الصرع وذوي الاحتياجات الخاصة.

من قلب موجوع تفاعلت أرليت حنين مع الدردشة.

أرليت الجميلة قلباً وقالباً، النشيطة والراقية والأنيقة في تعاملها مع الآخرين، تُفاجأ بأن وراءها قصة ألم ونضال عمرها من عمر ابنتها ضحية الحرب الأهلية وانفجار قذيفة قرب المنزل، حيث وقع على رأسها «البارك» وهي بعمر السنة.

جرّاء هذه الحادثة أصيبت ستيفاني الطفلة الحلوة بداء الصرع، ومذ ذاك تحوّلت حياة هذه الأسرة إلى معاناة وتحدٍّ مع المرض في بيئة غير مهيّئة لإستيعابه.

تقول أرليت:

- أسّست المدرسة سنة 1997 لأنني لم أستطع إيجاد مدرسة أو مركز صحي لإستقبال ابنتي ومعالجتها إثر إصابتها بداء الصراع.

{ هل كان سهلاً تأسيس مدرسة مُتخصصة لهذا المرض؟

- طبعاً لا... لكنني اشتغلت كثيراً على نفسي لأربح إبنتي، وحاربت الجميع حتى فتحت مدرسة للإطفال والأبناء المصابين بهذا الداء، على صعيد شخصي فقد تحوّلت من مهندسة إلى دراسة التربية المختصة، وعملت عدّة دورات للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في باريس، ثم درست «حسي حركي»، وحالياً أتابع دراسة الطب والتخصص في هذا المجال.

وعلى صعيد آخر، فرَّغت بيتي من الأثاث، نمنا أنا وعائلتي بغرفة واحدة، وأسّست بداخله مدرسة بدأت العمل بثلاثة أطفال، وعندما بلغ العدد تسعة، كان لزاماً علينا أن نهيّء مكاناً أكبر.

حالياً لدينا 482 تلميذاً مصاباً بداء الصرع، وفرعين للمدرسة: واحد بفرن الشباك وآخر بعاليه، وتضمُّ المدرسة فريق عمل كبير يتألف من 64 مربيّا من ذوي الإختصاص.

{ كيف تُعرِّفين داء الصرع؟

- المرض هو عبارة عن شحنات كهربائية عندما تقترب من بعضها البعض تسبّب ألماً في الرأس ثم نوبة أو «كريزة»، حيث يسمع المريض أصواتاً في رأسه.

{ هل الجمعية تعالج هذا المرض؟

- نحن نعلم ونؤهّل ونُطبِّبْ، وجمعيتنا منتسبة للمكتب العالمي لداء الصرع (IDE)، والمكتب العالمي لمكافحة الصرع. وهنالك سبعة أشخاص في سبعة بلدان في العالم أعضاء باللجنة الدولية العالمية وأنا واحدة منهم من لبنان، ويحق لنا وضع برنامج تربوي للمصابين بالداء.

{ والمدرسة ماذا تقدّم للمريض؟

- طبعاً هي مدرسة مختصة للمصابين بهذا المرض، تتألف من: تربية مختصة، علاج لغوي، علاج حسي حركي، علاج فيزيائي، علاج انشغالي لمعرفة مدى رغبة المريض في تعلّم مهنة معينة.

وتضمُّ المدرسة طبيب عصب رأس بشكل دائم. وتقدّم الطبابة مع تخطيط للرأس ونعتمد آلة للتخطيط لا مثيل لها في لبنان، والمدرسة تقدّم هذه العلاجات مجاناً.

{ هل يتجاوب المريض مع العلاج؟

- طبعاً ومعالجة الطفل من الصغر تعطي نتائج أفضل في مجال التقدّم الدراسي والإندماج في المجتمع، أما الكبير فيتقدّم ببطء وضمن حدود.

{ كيف يعرف الأهل أن ابنهم أو ابنتهم مصابون بهذا الداء؟

- عندما يشرد الولد، أو يغيب عن الوعي، أو يتعرّض لنوبة (هزّة) دون أن يفقد وعيه.

{ وكيف يتصرّفون إزاء هذه الحالات على وجه السرعة؟

- للغائب عن الوعي يُعطى أوكسجين و«فاليوم» وينقل إلى المستشفى فوراً. أما إذا أصابته نوبة دون أن يفقد وعيه لثوانٍ فعليهم أخذه للطبيب لمتابعة علاجه عبر الأدوية، البعض يستفيد على الأدوية والبعض الآخر يحتاج إلى عملية في الرأس أو وضع بطارية VNS فوق الصدر.

وألفت هنا إلى أن كثيرون لا يبدو عليهم المرض، وهنالك مشاهير مثل سقراط، آغاثا كريستي، رونالدو.. كان لديهم داء الصرع وتابعوا حياتهم... وممكن للمريض متابعة دراسته.

{ أدرك أنك مررت بمعاناة كبيرة مع ابنتك وعائلتك، هل من كلمة تودّين توجيهها إلى المجتمع؟

- نعم هي معاناة صعبة جداً، خاصة مع المجتمع، لأنه ظالم لا يرحم أولادنا، ولا يُدرك بأنهم يشعرون ويتألمون لنظراتهم  المزعجة لذلك أحب أن أوجّه كلمة إلى عدّة جهات:

أولاً: إلى الأطباء وأتمنّى عليهم تخصيص وقت للمريض وأهله، والاستماع إليهم، فالأهل يرغبون بسماع كلمة طيبة أو دعم معنوي من الطبيب المعالج.

ثانياً: إلى المجتمع راجية منه تقبّل أبنائنا المصابين بهذا الداء بروح طيبة، وبتفاعل جيد، بعيداً عن السخرية والتنمّر والنظرات القاسية.

ثالثاً: إلى مدراء المدارس وحثّهم على استقبال أولادنا في مدارسهم بأسعار متهاودة يستطيع الأهالي تحمّلها.

رابعاً: إلى الدولة متمنية عليها مُشاركة الأهل في النفقات الباهظة، فالمريض من حقه كمواطن أن يتعالج على حساب الدولة، كذلك من حقه أن يتمتع بالتأمين الصحي ضمن شركات التأمين والضمان الاجتماعي... نريد الاعتراف بهذا المرض وتأمين العلاج للمصاب به وكذلك الأدوية الباهظة الثمن.

وأخيراً صرخة من القلب رجاء الاهتمام بهؤلاء الأبناء... فهم أولادنا أيضاً...