بيروت - لبنان

اخر الأخبار

أخبار دولية

19 تشرين الثاني 2019 08:23م شرعنة أميركا للمستوطنات ..احتفال إسرائيلي وتنديد عربي - دولي بالسياسة الجديدة

السلطة الفلسطينية تباشر خطواتها الإضعاف القرار

حجم الخط
بعدما كان موقف الإدارة الأميركية على مدى عقود واضحا حيال المستوطنات الإسرائيلية، بعدم شرعيتها واعتبارها مخالفة للقانون الدولي، جاءت تصريحات الخارجية الأميركية لتؤكد تغير الموقف الأميركي "التاريخي" من المستوطنات، الامر الذي اثار ضجة عربية ودولية، حيث رأت دولا مستغربة القرار، تغييرا رئيسيا ومفاجئا في السياسات الأميركية في منطقة "الشرق الأوسط"، ضمن سلسلة انتهاكات دولية صارخة من إدارة ترامب، التي اعترفت بداية بالقدس عاصمة لإسرائيل، منذ حوالى العامين، لتكر السبحة إلى الاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان، قبل قرار المستوطنات الاخير بأشهر.

جاء القرار كسقوط الثلج في جيوب الاحتلال، ورحبت إسرائيل اليوم بحرارة بالموقف الأميركي الجديد الذي اعتبر أن المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة لا تتعارض مع القانون الدولي، بينما أعلنت السلطة الفلسطينية أنها ستدعو الى فتح تحقيق دولي بقانونية موقف واشنطن، بالتزامن مع ادلنات عربية ودولية للقرار.

من جهته قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الإثنين "بعد دراسة جميع الحجج في هذا النقاش القانوني بعناية"، خلصت إدارة ترامب إلى أن "إنشاء مستوطنات لمدنيين إسرائيليين في الضفة الغربية لا يتعارض في حد ذاته مع القانون الدولي".

بهجة اسرائيل
ورحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بالإعلان الأميركي. وقام بجولة اليوم في مجمع مستوطنات غوش عتصيون جنوب مدينة بيت لحم والتقى رؤساء المجالس الاستيطانية في الضفة الغربية.

وقال خلال جولته "أعترف بأنني منفعل جدا. نحن متواجدون في غوش عتصيون التي طردنا منها إبان حرب الاستقلال، وها نحن في هذا اليوم التاريخي حيث تم تحقيق إنجاز عظيم لدولة إسرائيل بعد أن صححت إدارة الرئيس دونالد ترامب ظلما تاريخيا ووقفت إلى جانب الحقيقة والعدل".

وقال نتانياهو إن الاعلان الاميركي "لا يمنع حصول مفاوضات بل على العكس فهذا يدفع السلام قدما لأنه لا يمكن بناء السلام الحقيقي على الأكاذيب".

وتعتبر الأمم المتحدة أن المستوطنات التي أقيمت على الأراضي الفلسطينية المحتلة من إسرائيل منذ 1967، غير قانونية، ويرى جزء كبير من الأسرة الدولية أنها تشكل عقبة كبرى في طريق السلام.

ويعتبر الإعلان الأميركي ضربة جديدة للتوافق الدولي حول النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين. وجاء ليضاف إلى سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها الإدارة الأميركية لصالح إسرائيل.

فمنذ وصول الرئيس دونالد ترامب الى السلطة، اعترفت واشنطن بقرار أحادي بالقدس عاصمة لإسرائيل وبسيادة الدولة العبرية على الجولان السوري المحتل. ويتناقض قرارها الأخير الأحادي أيضا مع السياسة التقليدية الأميركية منذ عقود.

وقال بومبيو الإثنين "الحقيقة هي أنه لن يكون هناك أبدا حل قانوني للنزاع والجدل حول من هو محق ومن هو مخطئ في نظر القانون الدولي لن يجلب السلام".

وأشار وزير الخارجية الأميركي إلى أن "اعتبار إقامة مستوطنات إسرائيلية أمرا يتعارض مع القانون الدولي لم ينجح ولم يحقق تقدما على مسار قضية السلام".

وأكد أن "الهدف ليس توجيه رسالة (...) حول ما إذا يجب زيادة عدد المستوطنات أو تخفيضه، بل مجرد مراجعة قانونية".

وأشادت الطبقة السياسية ومعظم وسائل الإعلام والجمعيات الاستيطانية في إسرائيل بتصريحات بومبيو.

الموقف الفلسطيني
في المقابل، أعلن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات في مؤتمر صحافي في رام الله أن السلطة "بدأت بمجموعة من الخطوات ضد الموقف الأميركي الأخير بشأن الاستيطان ومنها التوجه إلى المؤسسات الدولية".

وأضاف "سنتوجه إلى مجلس الأمن وإلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وإلى محكمة الجنايات الدولية وإلى مجلس حقوق الإنسان ضد هذا القرار"، و"بدأنا مداولات في الأمم المتحدة لتقديم مشروع قرار في مجلس الأمن".

ومن الخطوات التي ستقوم بها السلطة وفقا لعريقات، "الطلب من المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق قضائي رسمي مع المسؤولين الإسرائيليين في ما يتعلق بالمستوطنات".

بدوره قال المندوب الفلسطيني الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور -في بيان صحفي- إن بلاده تجري مشاورات مع ممثلي أعضاء مجلس الأمن، بدءا من العضو العربي (الكويت)، مشيرا إلى أن الموقف الأميركي الأخير بشأن الاستيطان سيكون محور النقاش في جلسة مجلس الأمن الشهرية التي تعقد غدا الأربعاء.

وطلبت السلطة الفلسطينية اليوم عقد اجتماع وزاري طارئ لجامعة الدول العربية بعد إعلان الولايات المتحدة أنها لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة غير شرعية.

وأعلن المندوب الدائم للسلطة لدى جامعة الدول العربية في القاهرة ان الموقف الأميركي الجديد "مخالف للقانون الدولي"، وفقا لبيان، وقد يتم عقد هذا الاجتماع مطلع الأسبوع المقبل بحسب مصدر دبلوماسي.

إضعاف الضغط القانوني
ويبدو أن تأثير القرار الأميركي على الأرض في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين حيث يعيش أكثر من 600 ألف مستوطن إسرائيلي سيكون محدودا.

ويرى محللون أن الخطوة الأميركية ستشجع حركة الاستيطان الإسرائيلية، في وقت يرى كبير المحللين في شؤون الشرق الأوسط في مركز أبحاث الأزمات الدولية عوفر سالزبرغ أن الولايات المتحدة تحاول إضعاف الضغط القانوني على حليفتها إسرائيل.

ويقول "تحاول إدارة ترامب فضح الإجماع الدولي بشأن هذه المسألة المتعلقة بعدم قانونية المستوطنات".

وبحسب سالزبرغ، فإن المستوطنين ضمن دائرة نتانياهو اليمينية، والتغيير في السياسة الأميركية مهد الطريق لضم إسرائيل للمستوطنات.

ردود فعل
ونأى الاتحاد الأوروبي بنفسه بسرعة من الموقف الأميركي الجديد، مذكرا بأن موقفه "واضح" و"لا يتغير"، ويقضي بأن "كل نشاط استيطاني غير قانوني بموجب القانون الدولي ويعرض للخطر إمكانية بقاء حل الدولتين وآفاق سلام دائم".

وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني إن "الاتحاد الأوروبي يدعو إسرائيل إلى وضع حد لأنشطتها الاستيطانية بما يتماشى مع التزاماتها بصفتها سلطة احتلال".

الأمم المتحدة
شدد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان اليوم على أن موقفه ثابت تجاه المستوطنات في الأراضي الفلسطينية بصفتها تمثل انتهاكا للقانون الدولي، رافضا بالتالي موقف الإدارة الأميركية المعدل في هذا الصدد.

وأوضح المتحدث باسم المكتب الأممي روبرت كولفيل في تصريح صحفي أن "تغير الموقف السياسي لدولة لا يعدل القانون الدولي القائم، ولا تفسير محكمة العدل الدولية ومجلس الأمن له".

العفو الدولية
واعتبرت "منظمة العفو الدولية" أن بناء وصيانة المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة ينتهك القانون الدولي وقد يرقى إلى جرائم الحرب.

وفي تغريدة على حسابها في "تويتر"، علّقت "منظمة العفو الدولية" على تصريح وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو بشأن المستوطنات، قائلةً إن "إعلان الحكومة الأميركية لا يغير ولن يغير القانون.. بناء وصيانة المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، ينتهك القانون الدولي ويرقى إلى جرائم الحرب.

تركيا
في أنقرة، اعتبر وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو الثلاثاء أن اسرائيل "ليست فوق القانون الدولي".

وكتب في تغريدة على "تويتر"، "ليست هناك أي دولة فوق القانون الدولي. التصريحات التي تأخذ شكل فرض الأمر الواقع ليست لها أي صلاحية في نظر القانون الدولي".

وأوقفت واشنطن كل مساعدة للفلسطينيين الذين قاطعوها منذ اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل.

روسيا
بدورها، قالت وزارة الخارجية الروسية إن القرار الأميركي بدعم إسرائيل في بناء مستوطنات على الأراضي المحتلة يقوض الأساس القانوني لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وأدانت وزارة الخارجية الروسية في بيان التغيير في الموقف الرسمي الأميركي وحذرت من أن هذه الخطوة ستزيد التوتر في المنطقة.

وأضاف البيان أن موقف روسيا هو أن المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية غير قانونية وتتعارض مع القانون الدولي.

مصر
وأكدت وزارة الخارجية المصرية عبر متحدثها المستشار أحمد حافظ، "التزام مصر بقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي في ما يتعلق بوضعية المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، باعتبارها غير قانونية وتتنافى مع القانون الدولي".

الجامعة العربية
ودان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الإعلان الاميركي، معتبرا إياه "تطوراً بالغ السلبية" و"معربا عن انزعاجه الشديد حيال الاستخفاف بمبدأ قانوني مستقر نص عليه القانون الدولي".

قطر
وفي الدوحة، اعربت قطر عن رفضها الموقف الأميركي مشيرة الى ان "هذه الخطوة عقبة أمام السلام المنشود".

وقالت وزارة الخارجية أن "هذا الإعلان من شأنه أن يعرقل مساعي السلام وآمال حل الدولتين ويعمق حالة الاحتقان والتوتر في المنطقة".

الكويت
وفي الكويت، قال نائب وزیر الخارجیة خالد الجارلله ان بلاده تؤكد عدم قانونیة وشرعیة المستوطنات الاسرائیلیة، ودعا الى الالتزام بالقرارات الدولیة "حتى لا یكون ھناك اخلال" مشددا على ان "التحلل من تلك الالتزامات سیقوض فرص السلام".

الاردن
وحذر الأردن من خطورة تغير الموقف الأميركي إزاء المستوطنات، وجاء ذلك في تغريدة على تويتر لوزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي الذي قال فيها إن المستوطنات الإسرائيلية في فلسطين المحتلة خرق للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وإجراء يقتل حل الدولتين ويقوّض فرص تحقيق السلام الشامل.

انتقاد اميركي للقرار
ولاقى القرار انتقادا اميركي، إذ انتقد السيناتور الأمريكي البارز والمرشح للرئاسة الأمريكية، بيرني ساندرز، أمس الإثنين، قرار إدارة الرئيس دونالد ترامب اعتبار المستوطنات "الإسرائيلية" في الضفة الغربية المحتلة "لا تتعارض” مع القانون الدولي.

وقال السيناتور الديمقراطي اليهودي، في تغريدة نشرها على تويتر، إن "المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة غير قانونية. وهذا واضح من القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة المتعددة”.

وأضاف "مرة أخرى، يقوم السيد ترامب بعزل الولايات المتحدة وتقويض الدبلوماسية من خلال التقيد بقاعدته المتطرفة".

المستوطنات
والمستوطنات هي تجمعات سكنية أقامتها إسرائيل على الأراضي الفلسطينية التي احتلتها أثناء حرب 1967، وتعتبر قضية المستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة من أكبر القضايا الخلافية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وسبب في نزاع بين إسرائيل والمجتمع الدولي، فيما تبنت الإدارة الاميركية في عهد ترامب نهجا أكثر تسامحا تجاه بناء المستوطنات الإسرائيلية مقارنة بإدارة أوباما.

ويقيم حوالي 600 ألف مستوطن يهودي في 140 مستوطنة بُنيت منذ احتلال إسرائيل للضفة الغربية والقدس الشرقية، وتعتبر هذه المستوطنات غير شرعية بموجب القانون الدولي، وهو ما تعارضه إسرائيل دائما.

ويطالب الفلسطينيون بإزالة هذه المستوطنات، معتبرين وجودها على الأراضي التي يطالبون بأن تتحول إلى دولة فلسطين المستقلة في المستقبل يجعل من المستحيل تحويل هذا الهدف إلى حقيقة.

إعداد "اللواء"