بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 آذار 2020 11:51ص الأردن نموذج.. كيف واجه أهل النشامة وباء «كورونا»؟

حجم الخط

في الوقت الذي يئنّ فيه العالم بحثًا عن طوق نجاة يُنقذه من "وحشيّة كورونا"، ويُنصفه من ظلمة الخوف المتزايد مع تسجيل كلّ حالة وفاة أو إصابة بالفيروس المتمدّد، لا يزال الأردن آخذًا في إصدار القرارات والإجراءات الاحترازيّة، التي تقيه "شرّ الوباء"، الذي عاث في الأرض موتًا وهلعًا.

فقد كان الأردن سبّاقًا، من خلال الإجراءات التي اتّبعها، وتصدّر قائمة البلدان الأكثر صرامة ووقاية من الوباء، للحدّ من انتشاره في البلاد. فإثر حال الطوارئ، وتسلّم الجيش الأردنيّ لزمام الأمر على الأرض، لكبح جماح التنقّل بين المناطق، الذي يزيد من خطر تفشّي "كورونا"، أطلقت السلطات صفارات الإنذار لبدء حظر تجوّل على مستوى البلاد، والذي سيحدّ من تنقلات 10 ملايين نسمة، على أن يُعاقَب كلّ مخالف، بالحبس الفوريّ مدّة لا تزيد عن سنة.

كما ستغلق جميع المحلات في مناطق المملكة كافة، وسيتمّ الإعلان صباح يوم الثلاثاء المقبل، عن أوقات محدّدة تسمح للمواطنين بقضاء حوائجهم الضروريّة، وبالآليّة التي ستعلن في حينه.

من هنا، جاءت مواقف لسفراء عرب وأجانب في عمّان، أثنوا على إجراءات البلاد الاستثنائيّة لإدارة أزمة "كورونا"، إذ أشاروا خلال لقاءات مع وكالة الأنباء الأردنيّة (بترا)، إلى أنّ الاردن يسابق الزمن بشجاعة للوقاية من الفيروس والتغلب عليه، وأكدوا أنّ إعلان قانون الدفاع هو إجراء حاسم، وجاء في الوقت المناسب.

الحكومة والشعب جنبًا إلى جنب

وعلى الرغم من الضائقة الماليّة التي تعاني منها البلاد، التي أعلنت مطلع العام عن عجز تقديريّ لموازنة 2020 العامة بمقدار 1.509 مليار دينار أردنيّ، وبنسبة نمو اقتصادي تقدر بنحو 2.2 %، إلّا أنّ السلطات الأردنيّة، بقيادة الملك عبد الله الثاني، لم تترك شعبها ليواجه بمفرده الإجراءات الصارمة، بل كانت جنبًا إلى جنب معه، من خلال تحمّل التبعات الاقتصاديّة التي ستنتج عن هذه الإجراءات، فاتّخذت سلسلة قرارات مهمّة، شملت أبرزها تعميمًا أصدره البنك المركزيّ الأردنيّ للبنوك المحليّة، بتأجيل الأقساط المستحقة على المقترضين من دون تحمّل فوائد التأخير، وتخفيض أسعار الفائدة.

كما شملت القرارات تسهيل إجراءات الرقابة في إدخال البضائع كالدواء والغذاء، فيما كان قد تمّ صرف أجور شهر آذار/ مارس لموظفي القطاع العام والمتقاعدين المدنيين والعسكريين.

من جهتها، علّقت وزارة الطاقة الأردنيّة، تنفيذ قطع التيار الكهربائيّ عن المواطنين المشتركين غير المسددين، وتقسيط فواتير الكهرباء المتراكمة على القطاعات الصغيرة المتضررة.

أمّا بالنسبة إلى السلطة القضائيّة فقد عمدت بدورها، إلى تأجيل حبس 3081 أردنيّ مُدين، وفيما قرّر وزير الداخلية الأردنيّ، الإفراج عن 480 موقوفًا إداريًا، أعلنت محكمة أمن الدولة والنيابة العامة لدى القضاء العسكريّ، عزمها الإفراج عن 1000 موقوف لديها على قضايا جنحوية، من أجل تخفيف الاكتظاظ والحدّ من انتشار فيروس كورونا.

كلّ هذه الإجراءات، كان قد استبقها الأردن، بالمسارعة إلى إرسال طائرات تابعة إلى الخطوط "الملكيّة الأردنيّة" لإجلاء رعاياه من الصين، مع بدء تفشّي فيروس "كورونا"، بتوجيهات من الملك عبد الله الثاني، وعلى نفقة الحكومة الأردنيّة.

كيف تفاعل الشعب الأردنيّ مع الإجراءات؟

لم تبق الجهود التي بذلها الأردن من دون تفاعل من قبل الشعب الذي أشاد بغالبيّته بالقرارات المهمّة والإجراءات الصارمة التي اتّخذتها الحكومة لصدّ "كورونا"، وبرزت بعض التعليقات التي بيّنت تقدّم الأردن في مواجهة الأزمة على بعض البلدان الأوروبيّة والعالميّة، التي تفشّى فيها الوباء بشكل كارثيّ.

إذ قال أحد المعلّقين عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ إنّ "بريطانيا تكلّم الناس أنّ الموت قادم لا مفر مالناش علاقة !!كوريا تعزل المصابين بمخيمات !!!معظم الدول انتشر فيها المرض وبينعمل مخيمات عزل في الصحراء ونقص بالغذاء والدواء !!!!!بس الأردن غير تمامًا.. الأردن أول دولة في العالم تقتحم مطار الصين وتجلي رعاياها مجانًا..يعنيالأردن تسبق الدول العربيّة والأوروبيّة والأميركيّة وتسّفر الأردنيين من الصين على حسابها وكلّهم بخير".

كما أضافت تعليقات روّاد مواقع التواصل الاجتماعي أنّ "الملك عبد الله الثاني، حفظه الله، ملك الإنسانيّة، يجتمع بجيشه وينزلهم للشوارع عشان يحمي الشعب من المرض، وليس لفضّ التظاهرات !وقتل الشعب".

أحد المعلّقين لفت أيضًا إلى التعامل اللائق الذي يلقاه المواطنون رغم ظروف البلاد الاقتصاديّة الصعبة إذ قال إنّ "الأردن ينزل المرضى بفنادق خمس نجوم،هذه البلد الفقيرة، وكلّه مجانًا".

أضاف: "الأردن يلغي القروض والديون على الشعب والبنوك تصرف الرواتب في نصف الشهر، والأردن يعاقب تجار سافلين رفعوا الأسعار على الشعب، والحكومة تحدد سقف الأسعار".

فيما تطرّق البعض إلى العمليّة التعليميّة، وأشاروا إلى أنّ "الأردن يغلق الجامعات والمدارس ويحوّل التعليم الكتروني،أي أنّ العمليّة التعليميّة مستمرة وما زال الأجيال في بيوتها تتعلم، كمان الأردن بيفتح قنوات تلفزيونيّة تبثّ الدروس للطلبة".

إذًا.. وفي ظلّ هذه الأزمة التي تجتاح العالم، يُعطي الأردن نموذجًا لبلد يواجه الوباء بـ "اللّحم الحيّ"، إذ لم يعتمد على ضائقته الماليّة وصعوباته الاقتصاديّة، ذريعة للتهرّب من مسؤوليّاته، ولم يترك شعبه في مهبّ تبعات الإجراءات الوقائيّة، بل وقف جنبًا إلى جنب معه، لتجاوز هذه "الجائحة" التي ما اجتاحت بلدًا إلّا وتركت بصماتها الفتّاكة على مختلف قطاعاته.

خاص "اللواء"