بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 كانون الثاني 2018 12:03ص أزمة حكم

حجم الخط
الخلاف بين الرئاستين الأولى والثانية، وصل إلى حدود الطلاق ولم يعد هناك إمكانية واحدة لإعادة وصل ما انقطع، فلا الأولى مستعدة للتراجع عن قرارها، ولا الثانية مستعدة للتساهل في موقفها الرافض لتمرير مرسوم الاقدمية من دون توقيع الوزير الشيعي، الثالث وللمخرج الوحيد الذي طرحه رئيس الجمهورية وهو الاحتكام إلى المراجع القضائية الصالحة للفصل في هذا الخلاف المستحكم، فماذا بعد فهل دخلت البلاد في أزمة حكم حقيقية، تتعطل معها كل المؤسسات الرسمية، أم انه لا يزال هناك بعد إمكانية ما للخروج من هذا المأزق على طريقة «اشتدي يا أزمة تنفرجي».
في الأفق المنظور لا شيء يشي بمثل هذه الإمكانية، ما دام كل من الرئاستين متمسكة بموقفها، وترفض التراجع عنه، فرئيس الجمهورية يُصرّ على الاحتكام إلى القضاء ليفصل في هذا الخلاف، بينما رئيس المجلس يرفض مثل هذا المخرج، ويُصرّ على توقيع الوزير الشيعي على المرسوم حتى يصبح نافذاً، ويعتبر تمسك رئيس الجمهورية بموقفه خروجاً على اتفاق الطائف والميثاقية التي كرست حكم الترويكا، وهذا معناه ان البلاد مقبلة على مزيد من التصعيد بين الرئاستين الأولى والثانية، بما يحمله ذلك من تداعيات سلبية على كل المسارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وصولاً إلى ما لا تحمد عقباه، فهل تتحمل الرئاستان مسؤولية إيصال البلاد إلى مثل هذه الحالة؟
الأمل لم يُفقد بعد إذا كان كلاهما لم يتخذ من هذا الخلاف سبباً للانقلاب على التسوية وعلى اتفاق الطائف الذي رسم بشكل دقيق ومتوازن حدود العلاقة بين الرئاسات الثلاث، لكن ما ظهر حتى الآن، يعطي انطباعاً عاماً بأن هناك من اتخذ من مرسوم الاقدمية للضباط سبباً لإعادة فتح ملف اتفاق الطائف، بهدف الوصول إلى طائف جديد على قاعدة المثالثة، أي حكم الترويكا الذي اثير بشكل واضح ابان وخلال أزمة انتخاب رئيس الجمهورية وبعدها خلال أزمة تشكيل حكومة استعادة الثقة، والتي لم تحل الا بعد حصول الثنائي الشيعي على حقيبة وزارة المالية كتعويض له عن الاجحاف الذي لحق بهذا الثنائي في اتفاق الطائف، ثم كان مرسوم الاقدمية القشة التي قصمت ظهر البعير وشكلت بالتالي الفرصة المؤاتية لهذا الثنائي لإعادة فتح ملف الطائف أو لتكريس عرف التوقيع الثالث، أو ما يسمى بحكم الترويكا التي وصفت الرئيس الراحل الياس الهراوي بالحية التي لها ثلاثة رؤوس وهو نظام لا مثيل له في العالم، ولا يُمكن في أي حال من الأحوال ان يبني دولة قابلة للحياة، وليس أدلّ على ذلك، سوى إصرار الرئاسة الثانية على تكريس هذا العرف، بصرف النظر عما نص عليه اتفاق الطائف بالنسبة إلى توزيع الصلاحيات بين السلطات الثلاث على قاعدة تعاونها وتوازنها.
ما وصلت إليه الأمور تجاوزت الخلاف السياسي العابر وتجاوزت موضوع إلزامية توقيع وزير المالية أو عدم توقيعه لتدخل البلاد في أزمة حكم مفتوحة على كل الاحتمالات، لن تبقى حكومة استعادة الثقة بمنأى عنها.