بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 آب 2023 12:15ص إختصر «الطريق» ورحل …

حجم الخط
إختصر طلال سلمان «على الطريق» بعدما أقفل قلمه، ورحل إلى رحاب الكلمة السواء، التي تنتصر للحق، وتنبذ الباطل، بعدما تعب في هذه الدنيا من  أنصار الباطل، ولم ينصره أصحاب الحق. 
كان يُعاني في المرحلة التي سبقت إقفال «السفير»، من تراجع تيار القومية العربية، ومن فقدان جمهورها، مقابل تناسل التيارات الطفيلية، الذي جعلت من التطرف عقيدة، ومن الفتن هدفاً، ومن الحقد والكراهية نهجاً، ومن القتل إسلوباً لإلغاء الآخر.
هاجس هزيمة القومية أمام القطرية المستفحلة، وتحت وطأة التناقضات الأتينية والعرقية والطائفية، ترك جروحاً عميقة في فكره وفي قلبه، وأحس أن أحلام سنوات العز القومي قد إنهارت فجأة، وكأنها تلقت ضربة قاضية، شارك فيها أقربون من أبناء الأمة، وأبعدون من خصومها التقليديين.
في بدايات أزمة الصحافة، كنا نخوض في نقاش طويل ومتشعِّب، حول جدوى وظيفة الجريدة حاملة الراية القومية، في زمن خرج أهل القومية أنفسهم من عباءتها، وراح كُلٌّ منهم يستظل برُقع قطرية وعشائرية وطائفية، تعكس ألوانها المزركشة حالة النفور الوطني والقومي السائدة بين أطرافها. وكان غالباً ما ينتهي النقاش بتساؤله: إلى متى نستطيع الصمود في مثل هذه البيئة المستجدة على تفكيرنا، والتي تشوِّه بدورنا، وتنهش بقدرات التصدي والإستمرار. 
وفجأة، ودون أن ينتظر الجواب على تساؤله كما في كل جلسة، إتخذ قرار التوقف عن الصدور، وإقفال «صوت الذين لا صوت لهم»، وكانت تلك بداية توقف رئتيه عن العمل بالنظام المعتاد، وخفوت صوته، وضيقة نفسه، وتوالي الانتكاسات والمضاعفات، التي لم تنفع معها العلاجات في غرف العناية الفائقة التي زارها مراراً، قبل أن يختصر الطريق مرة أخرى، ويرحل إلى دنيا الحق.