بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 تشرين الثاني 2019 12:02ص إلى أين؟!

حجم الخط
الأزمة التي يتخبّط بها لبنان منذ انتفاضة السابع عشر من الشهر المنصرم إلى أين، هل هناك يد خفية تقف وراء المماطلة في الاستجابة لمطالب الشعب اللبناني المنتفض، كل المؤشرات التي ظهرت حتى الآن، تدل على وجود هذه اليد، من قرار رئيس مجلس النواب نبيه برّي تأجيل الجلسة التشريعية التي كان دعا إليها أمس الثلاثاء، إلى الثلاثاء المقبل، إلى ما اورده أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله في خطابه أمس الذي هو الخطاب الثالث منذ الانتفاضة إلى المؤتمر الصحافي لحاكم مصرف لبنان السيّد رياض سلامة أمس، كلها مؤشرات غير مطمئنة بقدر ما تبعث على الاعتقاد بأن الوضع يزداد تعقيداً، وبالأحرى فهو ذاهب نحو ما لا تحمد عقباه، سواء بالنسبة إلى الحلول الناجعة التي تقنع الشعب بالخروج من الساحات، وسواء بالنسبة إلى الحالة الأمنية التي ما زالت حتى الآن، ممسوكة إلى حدّ كبير نتيجة انضباط المنتفضين وتمسكهم بسلمية حركتهم، مما بلغت الانتقادات أو سهام الاتهامات التي وجهت وستوجه لانتفاضتهم، والتي وصلت إلى حدود ربطها بالصراع الدولي المحتدم في منطقة الشرق الأوسط.

ان قرار الرئيس برّي بتأجيل موعد انعقاد الجلسة النيابية العامة والتي كانت مخصصة لإقرار عدد من مشاريع قوانين لمحاربة الفساد وإحالة الفاسدين إلى القضاء، كما يطالب به المنتفضون بذريعة ان هناك معارضة من قبلهم لادراج مشروع القانون المتعلق بالعفو العام، أثار أكثر من علامة استفهام لاسيما وأن ما عرضه رئيس المجلس من تبريرات التأجيل لم يقنع أحداً من أبناء الانتفاضة الذين رأوا في قانون العفو العام، وفي قانون الجرائم المالية، محاولة مكشوفة من قبل رئاسة مجلس النواب لإنقاذ الطبقة السياسية الفاسدة، ومنع مساءلتها امام المراجع القضائية المختصة خصوصاً وأن الرئيس برّي بدلاً من ان يطلع على أبناء الثورة بمبررات مقنعة بدلاً من ان يوجه إليهم أو إلى بعضهم أصابع الاتهام بأنهم يتعمدون عرقلة كل الحلول لإطالة عمر الأزمة القائمة ودفع البلاد بسرعة نحو المجهول.

اما ما جاء في خطاب أمين عام حزب الله من تبنٍ واضح لما يطالب الثوار لجهة محاسبة الفاسدين الذين تولوا منذ حوالى ثلاثين عاماً مسؤولية إدارة دفة الحكم، فهو بدوره اثار أيضاً تساؤلات كثيرة خصوصا وانه سبق له ان وجه أصابع الاتهام إلى الثوار بأنهم ينفذون ايحاءات واملاءات خارجية لا تمت إلى حقيقة الأزمة التي يمر بها الشعب الثائر ضد الفساد وضد تقاعس السلطة السياسية عن محاربة هذه الآفة، فإذا كان السيّد يقود معركة محاربة الفساد، ومستعد للذهاب في هذه المعركة بدءاً بنفسه حتى النهاية، فلماذا يُطلق على الثائرين على الفساد والمطالبين بمحاسبة الفاسدين بتهمة الانحراف عن الثورة وتنفيذها لاملاءات خارجية، افما كان من الاجدر به بدلاً من إلقاء مثل هذه الاتهامات، النزول إلى الشارع جنباً إلى جنب مع مالئي الساحات، والتعميم على عدم تركهم حتى تحقيق مطالبهم، بدلاً من ان يسوق اتهامات تنفيذ الإملاءات الخارجية التي لم يسمها بشكل واضح.

إذاً بيت القصيد فهو ما كشف عنه حاكم مصرف لبنان في مؤتمره الصحافي حول مسؤولية الحكم في إيصال الأمور إلى الحالة التي وصل إليها بعد انتفاضة السابع عشر من تشرين الأوّل الماضي وكشفه عن جهة ثانية عن الخلاف مع المصارف الوطنية حول طريقة التصدّي للأزمة النقدية.

ان كل هذه الأمور بالترافق مع التأخير المتعمد في تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتشكيل حكومة جديدة تتبنى مطالب الانتفاضة وتعمل على تنفيذها بأسرع وقت، ليست سوى مؤشرات سلبية تؤكد ان الأزمة طويلة، وهي قابلة للأسوأ.