بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 تشرين الأول 2017 12:00ص التسوية إلى متى؟

حجم الخط
تتعرض حكومة استعادة الثقة والتي تألفت من معظم المكونات السياسية نتيجة التسوية التي أتت بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية لحملة ممنهجة منذ الأيام الأولى لتشكيلها ولا تقتصر هذه الحملة على الذين بقوا خارج الحكم بل تتعداهم لتشمل أيضاً الذين دخلوا جنة السلطة، واشتركوا في الحكومة العتيدة. فما ان تحقق هذه الحكومة ما تعتبره انجازاً ما كان يمكن ان يحصل لولا تلك التسوية حتى تقوم القيامة عليها حتى من اقرب المقربين، فعندما انجزت التعيينات الأمنية تعرّضت لانتقادات عدّة من قوى داخلها ومن قوى خارجها ووضعت تلك التعيينات في خانة المحاصصة بين الرئاستين الأولى والثالثة حتى ان البعض ذهب إلى اتهام الرئاسة الأولى بأنها استأثرت بهذه التعيينات على حساب كل الآخرين المشاركين في الحكومة بمن فيهم الرئاسة الثالثة التي اتهمت أيضاً بتقديم التنازلات لكي يبقى الرئيس الحريري في الحكم.
وعندما أقرّ مجلس النواب قانون الانتخاب بالشكل الذي أقرّ فيه قمت القيامة مرّة ثانية على الحكم والحكومة لأن القانون وضع في نظرهم لمصلحة الحزب الحاكم والمقصود به التيار الوطني الحر لتمكين رئيسه من الوصول إلى الندوة النيابية واستكمال التحضير للانتخابات الرئاسية بعد خمس سنوات وهي التي تشكّل كما بات معروفاً هاجسه الأول والأساس، ولم تقف الاتهامات عند هذه الحدود بل ذهبت إلى حدّ وصف القانون الجديد للإنتخابات بأنه أسوأ من قانون الستين واتسعت الحملة عليه، بعدما أعلن رئيس التيار البرتقالي الوزير جبران باسيل ان هذا القانون يُساعد المسيحيين على استعادة حقوقهم حتى العام 2053.
والانتقادات للحكومة وأدائها لم تتوقف أيضاً بعد التشكيلات الدبلوماسية التي أثارت غضب أكثر من جهة سياسية كالقوات اللبنانية على سبيل المثال لا الحصر، وقد أجمعت كلها على أن هذه التشكيلات تخدم مصالح الحزب الحاكم دون سواه، أما الرئاسة الثالثة فلم ينلها شيءٌ منها بسبب التنازلات التي قدمها رئيس الحكومة من منطلق حرصه على التسوية، وبالتالي على الاستقرارين السياسي والأمني، والأمثلة على ذلك أكثر من ان تحصى وتعد سواء في التشكيلات القضائية وفي تعيينات أعضاء المجلس الاقتصادي والتي جعلت بعض نواب الطائفة السنية يقولون جهاراً ومن على قبة البرلمان بأن أبناء هذه الطائفة محبطون، نتيجة التنازلات التي يقدمها رئيس الحكومة لتبقى التسوية صامدة، وضمن بصمودها بقاءه بعد الانتخابات التشريعية في السراي الحكومي الكبير.
طبعاً لم يثني هذا التركيز المتعمد على رئيس الحكومة من أن يزيد تمسكاً بالتسوية القائمة لحسابات كثيرة، يربطها البعض بحرصه على الاستقرار السياسي والأمني من جهة، وحرصه الأكبر على ان إبقاء لبنان بمنأى عمّا يجري من حرائق ووضع خرائط جديدة للمنطقة فهل هو على حق أم إن الحق مع منتقديه، هذا هو السؤال اليوم الذي ما زال يبحث عن جواب شافٍ ومقنع.