بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 تشرين الثاني 2017 12:05ص التصعيد ضد المملكة يضع لبنان في مواجهة مع العرب

هل اختار لبنان الرسمي الجنوح للإنخراط في المحور الإيراني؟

حجم الخط

الأوساط  السياسية لم تفاجأ  بالموقف التصعيدي لرئيس الجمهورية لأنه تزامن مع جولة وزير الخارجية وبالتنسيق معه على عواصم القرار

بعد مرور أكثر من عشرة أيام على استقالة الرئيس سعد الحريري التي اعلنها من الرياض، جاء موقف رئيس الجمهورية أمس، مشرعاً أبواب لبنان الرسمي على صفحة جديدة بالغة التعقيد في سجل علاقات لبنان بأشقائه العرب، وذلك باعلانه للمرة الأولى منذ إعلان الاستقالة، ان ما حصل ليس استقالة حكومة، بل اعتداء على لبنان وعلی استقلاله وكرامته وعلى العلاقات التي تربط بين لبنان والسعودية، وان استمرار احتجاز الرئيس الحريري في المملكة يُشكّل انتهاكاً للاعلان العالمي لحقوق الإنسان، لأن رئيس مجلس الوزراء محتجز من دون سبب ويجب عودته مكرماً.
إزاء هذا التصعيد في موقف رئيس الجمهورية الذي جاء بعد المقابلة التلفزيونية للرئيس الحريري يوم الأحد الماضي والتي دحض فيها كل الادعاءات والشائعات التي أطلقها حزب الله وفريقه السياسي فور إذاعته بيان الاستقالة والأسباب التي حملته على اتخاذ مثل هذا القرار، يطرح اللبنانيون على رئيس الجمهورية الذي تصرف في الأيام الأربعة الأولى للاستقالة تصرف الرجل المسؤول: إلى أين ستقود هذه المواجهة مع المملكة، وما المدى الممكن ان تبلغه تداعياتها على لبنان، وهل اختار لبنان الرسمي الجنوح نحو إيران التي لم تعد تخفي أطماعها في فرض سيطرتها على الدول العربية ومنها لبنان، كما أكدت علي ذلك تصريحات كبار المسؤولين الإيرانيين؟ وهل ثمة صدفة في تزامن المواقف اللبنانية الرسمية العالية السقف ضد المملكة من خلال اتهامها باحتجاز حرية رئيس حكومته مع تلك الإيرانية التي عبر عنها أمس أيضاً الرئيس حسن روحاني بقوله ان «التدخل السعودي السافر في بلد كلبنان ودفع رئيس حكومته للاستقالة أمر غير مسبوق في التاريخ.. ومن المعيب والمخجل أن يترجى بلد مسلم الكيان الصهيوني ليقوم بقصف الشعب اللبناني».
الأوساط السياسية لم تفاجأ بالموقف التصعيدي لرئيس الجمهورية، لأنه جاء في وقت يجول فيه وزير الخارجية جبران باسيل، وبالتنسيق المسبق معه، على عواصم القرار في حركة هدفها تكثيف الضغوط الدولية على المملكة، وقد لوّح خلال جولته هذه بأن لبنان سينتظر لمهلة محددة لا تتخطى اليومين أو ثلاثة أيام وبعد ذلك سيلجأ إلى خيارات أخرى خارج اطار العلاقة الأخوية مع الرياض، ما يدل على ان هدف جولته الخارجية هو وضع دول القرار في رغبة لبنان الرسمي تدويل ما يعتبره أزمة مع المملكة العربية السعودية.
واستناداً إلى كل هذه المعطيات تعتبر الأوساط نفسها ان الدولة اللبنانية، بغطاء تام من الرئيس عون ورئيس مجلس النواب نبيه برّي وبذراعها الدبلوماسية، ماضية في التصعيد ضد المملكة العربية السعودية بذريعة، فبركتها عقول الداخل اللبناني، وهي احتجاز رئيس حكومة لبنان وصولاً الى تدويل الأزمة. وفي السياق يبدو أن لبنان الرسمي عاد وقرّر المشاركة في الاجتماع الذي يعقده وزراء الخارجية العرب يوم الأحد المقبل في القاهرة، لكي يثير عاصفة في وجه السعودية، حيث أشار رئيس الجمهورية أمس إلى ان لبنان الرسمي قرّر تلبية الدعوة مبدئياً للمشاركة في الاجتماع، وإذا أثير موضوع الأزمة التي نشأت عن تقديم الحريري استقالته وما تلاها، فسنواجه بالذرائع والحجج. وهنا تنبه الأوساط إلى مغبة ذهاب لبنان الرسمي نحو خيارات تعارض الاجماع العربي ويقفز فوق شعار لبنان الدائم «مع العرب إذا اتفقوا... وعلى الحياد إذا اختلفوا»، فأين الحكمة في ان يصوّب على المملكة فيما الكباش اليوم في المنطقة طابعه عربي - فارسي، وحري به أن يعلن تمسكه بسياسة النأي بالنفس وأنه ملتزم بها قولاً وفعلاً.
وتلفت الأوساط الانتباه إلى ان حجة لبنان في حال استمر في رفع السقف، في اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب يوم الأحد المقبل ستكون ضعيفة، فهو يرى أن تصرّف المملكة تجاه رئيس الحكومة يعد عدواناً على كرامة لبنان، متناسياً ان لبنان، عبر حزب الله، كان البادئ في تصعيد الاعمال المخلة بالأمن إلى المنطقة كلها تقريباً، وكان آخرها إطلاق صاروخ باليستي على الرياض، وذلك عبر غضّه الطرف عن نشاطات حزب الله في الميادين العربية، أكان في سوريا أم اليمن أم الكويت أم البحرين، ما حدا بالرئيس سعد الحريري إلى تقديم استقالته من الرياض.
وفي رأي مصادر معارضة للنهج السياسي الرئاسي الجديد ان أولى ارتدادات التصعيد الرئاسي ضد المملكة العربية السعودية ستكون عليه وعلى عهده بالذات، معتبرة ان الفريق الذي حرف الاستقالة عن جوهرها ومسبباتها بقوة إعلامه، هو نفسه يدفع في اتجاه تصوير المشكلة على انها بين لبنان والسعودية، خشية ان تظهر عودة الحريري الحقائق الساطعة حينما يشرح خلفيات خطوة الاستقالة، فتنتقل آنذاك المشكلة بين لبنان وإيران، وهو ما يحاول هذا الفريق قطع الطريق عليه لإبقاء طهران محيّدة عن الشاشة فيما هي السبب الأساس خلف كل ما يجري واستمرار الاستثمار في ورقة تجييش سنّة لبنان ضد المملكة من خلال اتهامها باحتجاز زعيمهم.