بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 أيلول 2017 12:04ص الخلاف الدستوري يحله الدستور والنظام الداخلي لمجلس الوزراء

البنود الشكلية قابلة للحل في قانون الضرائب... والمهم «حسن النوايا»

حجم الخط
هل تكون جلسة الحكومة «التالتة ثابتة» اليوم وتخرج برعاية وحضور رئيس الجمهورية العائد من زيارة ناجحة الى فرنسا، بنجاح من ازمة قانون الضرائب الذي ابطله المجلس الدستوري وما تفرع عنه من تداعيات خلال البحث عن البدائل لتمويل سلسلة الرتب والرواتب، كان من غير المتوقع ومن المستغرب ان تصل حد الاختلاف الدستوري والقانوني بين فريقي رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي عبّر بصراحة عن حجم هذا الاختلاف بمواقفه خلال الايام الاخيرة.
وفي رأي بعض الخبراء المتابعين لأزمة قانون الضرائب ان العديد من بنوده قابلة للحل، وبعضها يمكن تأجيله لفترة بسيطة او تعديله وتصحيحه خاصة بند الازدواج الضريبي الذي يطال حسابات الاعمال لقطاع المهن الحرة، حيث تبين ان مردود هذه الضرائب يتراوح بين 20 و30 مليار ليرة فقط، عدا عن بند طريقة التصويت في مجلس النواب برفع الأيدي وهو أمر ممكن ومتيسّر وسيحصل في الجلسات المقبلة، وبالتالي لا يجوز اثارة زوابع سياسية ودستورية حول هذين الموضوعين.
اما بند عدم جواز تخصيص ضريبة لإنفاق محدد في القانون، فيمكن برأي الخبراء تلافي هذه الازمة عبر تشريع قانون ضريبي من دون تحديد وجهة إنفاقه بل تدخل عائداته الى الخزينة فورا وهي تتولى تحديد وجهة الانفاق لاحقاً. 
لكن مسألة تضمين الضرائب في قانون الموازنة هي موضع جدل قانوني ودستوري مستجد ولم يسبق ان أُثيرت حوله أية مشكلة طيلة السنوات الخمس والعشرين الماضية، حيث كان تشريع الضرائب يمر في كل المجالس بقوانين مستقلة، من ضريبة القيمة المضافة في التسعينيات الى ضريبة الشركات النفطية مؤخرا، مع ان هذه الضريبة مرتبطة اصلا بالقوانين التي ترعى ملف النفط والغاز في المياه اللبنانية ولم تدخل من ضمن القوانين الناظمة لملف النفط، ولذلك يرى الخبراء ان تشريع الضرائب بقانون مستقل امر دستوري ليس في لبنان بل في كل مجالس النواب، ولاعلاقة له بالموازنة.
وبرأي بعض الخبراء - القابل للبحث والرد - ان الدستور لم ينص على حق المجلس الدستوري في تفسير الدستور وفي تحديد واجبات وصلاحيات المجلس النيابي خاصة في مجال التشريع العام، والتشريع الضريبي بشكل أخص، إذ جاء في المادة 19 من الدستور حول مهام المجلس الدستوري: «يُنشأ مجلس دستوري لمراقبة دستورية القوانين والبت في النزاعات والطعون الناشئة عن الانتخابات الرئاسية والنيابية...»، ما يعني ان الدستور اعطاه حصراً حق النظر في دستورية القوانين لا في تحديد او تعديل عمل مجلس النواب التشريعي والضريبي، شرط ان يراعي المجلس مبدأ «شمولية» الضريبة وجبايتها وفق نص المادة 81، بينما حددت المادة 83 مبدأ الشمولية بـ«تقدم الحكومة لمجلس النواب موازنة شاملة نفقات الدولة ودخلها عن السنة القادمة...» (الباب الرابع - تدابير مختلفة).
 تبقى كيفية معالجة الاختلافات السياسية بين الاطراف المشاركة في الحكومة والشريكة للعهد في إدارة اعمال الدولة، ومنها ما يتعلق بحق تفسير الدستور وممارسته في اعمال الحكومة ومقاربتها لكل المواضيع الاجرائية والقانونية، وفي هذا المجال يمكن تطبيق النظام الداخلي لمجلس الوزراء الموجود في كُتيّب خاص منذ التسعينيات ولم يتم العمل به، إضافة الى ما يتعلق بموضوع إعادة التواصل مع سوريا الذي باشره وزيرا «امل وحزب الله» غازي زعيتر وحسين الحاج حسن بزيارة دمشق لتنسيق العمل مع نظرائهم السوريين، واستكمله وزير «التيار الوطني الحر» جبران باسيل بلقاء وزير الخارجية السورية وليد المعلم في نيويورك للبحث في ما يفيد عملية إعادة النازحين السوريين، التي يعتبرها العهد من اولوياته، واثارها الرئيس عون خلال اليومين الماضيين في باريس مع كبار المسؤولين السوريين، وقبلها من على منبر الامم المتحدة.
وتبدو مسألة ممارسة الصلاحيات من المسائل الشائكة التي سبق ان اثارت مشكلات بين اركان الحكم ايضاً منذ التسعينيات، وعانى منها أكثر من رئيس نتيجة تضارب المصالح السياسية والحزبية، وامكن تجاوزها بتوافقات موضعية وليس جذرية، ما يحتم ضرورة العودة الى الدستور في ممارسة السلطة وعدم تجاوز سلطة لأخرى، خاصة ان الدستور نصّ في الفقرة «هاء» من مقدمته على ان «النظام قائم على مبدأ فصل السلطات وتوازنها وتعاونها»، ولكن المشكلة كانت دوما في سوء ممارسة حدّ السلطة، عدا عن ان حل اي مشكلة في لبنان يطلب اولاً حسن النويا لا الكمائن السياسية والكيدية.