بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 كانون الأول 2017 12:05ص الخلاف بين عون وبري يتصاعد ومرشّح لأن يتحوّل إلى مواجهة

الحكومة تودِّع العام وسط حقل من الألغام القابلة للإنفجار في أي وقت

حجم الخط

الخلاف المستجد بين عون وبري  قد يقضي على إمكان قيام  الشراكة الخماسية  في الانتخابات المقبلة

ودعت حكومة استعادة الثقة سنتها على إيقاع عودة العلاقات بين الرئاستين الأولى والثانية إلى سابق عهد من التأزم منها المستتر المتصل بانعدام الكيميا بين الرئيسين ميشال عون ونبيه برّي ومنها المعلن سواء تلك المتصلة بمرسوم منح أقدمية سنة لما يسمى بضباط دورة عون أو ملحقات قانون الانتخاب التي لم ترس بعد على وحدة خيار في شأن التسجيل المسبق للناخبين وإقامة الـ«ميغاسنتر» في حين دخل مجلس الأمن الدولي بقوة على خط النأي بالنفس باعتباره أولوية هامة.
المجلس دعا في بيان الأحزاب اللبنانية إلى تطبيق سياسة ملموسة للنأي بالنفس عن الصراعات الخارجية، واعتباره أولوية هامة، كما تمّ التعبير عنه في بيانات سابقة لا سيما إعلان بعبدا في العام 2012، مطالباً دول المنطقة بالعمل من أجل الحفاظ على استقرار لبنان واحترام سيادته ووحدته وجدّد مجلس الأمن تأكيد الدعم القومي لاستقراره وسيادته وأمنه واستقلاله السياسي ووحدة الأراضي اللبنانية بما يتوافق مع قرارات مجلس الأمن 1701 و1680 و1559 والقرارات الدولية ذات الصلة وتصريحات رئيس مجلس الأمن حول لبنان.
وإذ شدّد بيان المجلس على الحاجة لحماية لبنان من الأزمات التي تزعزع استقرار الشرق الأوسط دعا الدول والمنظمات الإقليمية إلى العمل على تأمين استقراره وأمنه على الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمالية مع الاحترام الكامل لسيادة البلد ووحدته.
وفي الوقت الذي كان مجلس الأمن يُرحّب بعودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان والعودة عن استقالته كان المشهد الداخلي يعكس صورة سوداوية كان من أبهى تجلياتها سقوط الالتفاف الرئاسي الذي تجلى بأبهى مشهد إبان وخلال أزمة الاستقالة وانهيار جدران الوحدة الجامعة بأسرع من المتوقع، ذلك أن الاشتباك الجاد الذي خلفه مرسوم دورة عون لا تقف مضاعفاته عند عتبة العلاقة غير المستقرة أساساً بين الرئيسين عون وبري والتي ثبت انها تهتز مع كل ملف يحكمه التباين في وجهات النظر، بل تؤشر إلى ما هو أبعد وأعمق، خصوصاً وان الرئيس برّي بحنكته المعهودة التي توجد مخرجاً لكل أزمة، كان قادراً على نسج الحل لقضية دورة عون وفض الاشتباك عبر قنواته الخاصة من دون أن يلجأ إلى تفجير القنبلة إعلامياً، إلا أن الإصرار على اثارته بالطريقة التي ظهرت كسر عمق الخلاف الذي لم تتمكن حتى اللحظة حركة الاتصالات الناشطة التي يضطلع بها في شكل خاص حليف الاثنين حزب الله من احتوائه ولجم مفاعيله، كما في كل مرّة يختلف الرئيسان ويضعانه في موقع المحرج بين الشريك في التحالف والحليف الاستراتيجي، فالطرفان كما يبدو من خلال المتوافر من المعطيات في وارد التراجع والاحتكام للمصلحة التي تقتضيها التحالفات القائمة بينهما، كما تقول أوساط سياسية عاملة على خط المعالجة، إذ أن رئيس الجمهورية الذي يرى في القضية انصافاً لفئة واسعة من الضباط لا يحتمل خطوة من هذا النوع تماماً كما ان رئيس الجلس الذي لا يكتفي برفع سقف المواجهة إلى الحد الأقصى في اتجاه بعبدا، بل يصوب أيضاً في اتجاه الرئيس سعد الحريري باعتبار ان ردّ الجميل للرئيس عون على موقفه وتصرفاته خلال أزمة الاستقالة لا يُمكن ان يأتي على حساب الرئاسة الثانية والقفز فوق الموقع الشيعي الوطني، حتى انه يحمل الرئاسة الثالثة مسؤولية كبرى في ما آلت إليه الأمور، ذلك انه لو تريث الرئيس الحريري في التوقيع للتشاور معه ولم يرضخ للضغوط كما سربت وسائل إعلام موالية لرئيس المجلس لما بلغت الأزمة هذا الحد من التشنج.
وتعتبر الأوساط نفسها ان الخلاف المستجد بين عون وبري قضى على إمكان قيام الشراكة الخماسية في الانتخابات المقبلة والتي كثر الحديث عنها والتلويح بها في فترة ما بعد عودة الحريري عن الاستقالة، حتى انه أعاد فرز الاصطفافات السياسية بدليل الرسالة الجنبلاطية التي حملها مؤخرا الوزير وائل أبو فاعور إلى قصر عين التينة والتي تؤكد وقوف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي إلى جانب الرئيس برّي، ومواكبته في أية خطوة يتخذها على هذا الصعيد وعلى غيره من الأصعدة السياسية. ولا تستبعد هذه الأوساط ان تكون لزيارة وزير الخارجية جبران باسيل المفاجئة إلى كليمنصو في اليوم نفسه علاقة مباشرة بزيارة الوزير أبو فاعور إلى عين التينة وللتأكيد على حرص «التيار الوطني الحر» على إقامة أفضل علاقات التعاون والتحالف مع الحزب التقدمي الاشتراكي في الانتخابات النيابية المقبلة، ولا سيما منها في الشوف منطقة نفوذ جنبلاط.
ولا تستبعد الأوساط ان تكون في تمترس برّي خلف موقفه رسالة واضحة إلى شريكيه في السلطة مفادها ان تفردهما بالقرار لا يلغي دوره وحضوره ولا يهمش الموقع الشيعي في السلطة المتمثل بوزير المالية الشريك في التوقيع والقرار نيابة عنه وعن الطائفة بأكملها.
هذا المشهد الملبد بالغيوم السوداء الذي تجلى على أبواب السنة الجديدة، ولم يكن المرسوم المتعلق بدورة عون سوى الذريعة التي كانت كافية لعودة المواجهة بين الرئاستين الأولى والثانية إلى اوجها بعد الهدنة التي فرضتها في وقت سابق أزمة استقالة الحريري، وتخشى الأوساط المتابعة من ان يتحوّل هذا الوضع إلى عامل سلبي في وجه العهد الذي يستعد لعام جديد يكون حافلا بالانجازات السياسية والاقتصادية، بعدما اطمأن إلى ان متانة وثبات التسوية التي ادّت إلى عودة الحريري عن الاستقالة.