بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 تشرين الأول 2020 07:15ص «القومي» وحردان يتنازعان الشرعية ويَستحضران عصر «الإنشقاق»

حجم الخط
يَستعيد «الحزب السوري القومي الإجتماعي» هذه الأيام مرحلة الإنقسام أو الإنشقاق في ثمانينيات القرن الماضي، التي حاول الحزبيون طويلا تناسيها وردها الى ظروف تاريخية رافقت الحرب الاهلية قبل أن يتوحد الحزب في أواخر التسعينيات.

كان من الطبيعي أن تعود الانقسامات الى الحزب الذي توحد على مضض بضغط من السلطات السورية التي كانت تمسك بكل مفاصل الحياة السياسية في لبنان. وطيلة الفترة الماضية كان الرجل الذي عُرف بـ«القوي» في الحزب أسعد حردان يسيطر على قرار الحزب، حتى خلال السنوات الاخيرة التي شهدت إبتعاده عن الرئاسة.

ومع مرور السنوات وتبدل الظروف مع تغير الأجيال وصعود جيل شاب بقوة في أوساط الحزب، وفي ظل ربط «قوميين» لسلبيات كبرى في أداء الحزب بحردان، يبدو أن تجديد الحزب سيكون مرتبطا بالتخلص من قيادات كثيرة من الحرس القديم فيه إستمرت طويلا في القيادة وناهضها قياديون بارزون في الحزب نفسه وتركه بسببها كثيرون، بينما يحاول معارضون آخرون تاريخيون التغيير من داخل الحزب من دون جدوى حتى الآن.

 شباب في وجه حرس قديم

وتحت عنوان «شرعية» الحزب، يتمحور الفريقان: مجموعة القيادة الجديدة التي ولّت الرئاسة إلى الدكتور ربيع بنات الذي انتخبه المجلس الاعلى الجديد، وحردان ومعه قياديون بارزون في الحزب.

وقد شكلت إنتخابات المجلس الأعلى في 13 الشهر الماضي نقطة التحول التي فاجأ بها حلفاء حردان الأخير لتنحيته جانبا بعد انتخابهم من قبل المجلس. رفض حردان إبعاده مشيرا الى «مخالفات شابت الانتخابات التي افتقدت النصاب وباتت غير ذات صفة»، وتمسك بحكم قضائي لصالحه عن محكمة البداية في بيروت علّق العمل بالانتخابات الاخيرة، إستأنفه المجلس الأعلى الجديد برئاسة عامر التل.

 لكن حردان سارع الى عقد لقاء لمجلسه الأعلى محددا مواعيد 7 و8 و9 كانون الثاني المقبل لمؤتمر عام يستحضر عبره شرعيته وهو المؤتمر الذي كان مقرراً في أيار من العام 2021. ولا يزال أعضاء عريقون في الحزب يصطفون مع حردان مثل نائب رئيس الحزب وائل الحسنية القائم دستورياً بمهام الرئاسة وقاسم صالح، بينما يواجهه الأخصام بقيادات مثل عامر التل وحسان صقر وإياد معلوف ومحمود خليل. 

على أن اللافت في الأمر أن مناهضي حردان لن ينتظروا حكم القضاء اللبناني، ولـ«القوميين» رؤيتهم الخاصة لعمل القضاء يستحضرون عبره مراراتهم المتتالية من السلطات اللبنانية المتعاقبة التي يقولون إنها سخرت القضاء لمصلحتها. ولذا فإن ثمة رأي واسع في الحزب لا يعترف بالقرارات القضائية بعد التجارب المأساوية السابقة بدءا من قضية «الزعيم» أنطون سعادة وصولاً الى «الرمز» حبيب الشرتوني، وبينهما سلسلة من العذابات والاعتقالات لم تقتصر على لبنان.

المعارضة الحزبية تترقب

وفي موازاة المعركة السلطوية بين هذين الفريقين، خرج أعضاء تاريخيون معارضون لحردان بموقف يؤكد شرعية المجلس الأعلى الحالي. وهم هاجموا عقده لاجتماع مجلسه الاعلى «لإعادة إجراء انتخابات للمجلس القومي تكون لصالحه، وهذا مستبعد أن يحصل، بعد أن فشل في اعلان حالة الطوارئ في الحزب، برفض رؤساء الحزب السابقين الانضمام اليها».

«مغتصب السلطة»، الصفة الجديدة لحردان من معارضيه بات يصادر الدستور ويريد الانقلاب على نتائج إنتخابات قررها هو قبل أن تأتي نتائجها صادمة له ولفريقه.

بالنسبة الى هذه المعارضة كما بالنسبة الى القيادة الجديدة للحزب، «فلم يعد هناك مجلس برئاسة الأمين أسعد حردان بعد إنتخاب مجلس أعلى جديد أحد أعضائه الأمين أسعد حردان».

ويبدو واضحا أن حردان بات في موقف الدفاع مهما حاول المبادرة نحو عقد إجتماع في مقر جريدة «البناء» في منطقة الحمراء، بعد إستحواذ القيادة الجديدة على مقر الحزب في الروشة، حضره أنصاره في المجلس القديم، لم يكن كافيا لحردان لكي يدعو الى إقامة حالة الطوارئ. وبدعوته الى مؤتمر عام، فإنه لن يحصل على الشرعية الداخلية والنصاب، وهو طلب من مجلس العمد الحالي الإكمال في مهمته. وتنهال عليه اليوم إتهامات التسلط وضرب وحدة الحزب، والعودة الى زمن الإنشقاقات في ظل ظروف حزبية خطيرة تحتاج فيها البلاد الى «حزب قومي وحدوي لمواجهة أخطر المشاريع التصفوية لقضيتنا وهويتنا»، حسب بيان الأمناء المعارضين بشدة لحردان، مثل غسان الاشقر وتوفيق مهنا وأنطون خليل وعصام بيطار وبشرى مسوح وعبد الكريم عبد الرحمن، توعد بمنع «نهج الإنحراف والإنشقاق من أن ينفذ الى وحدة حزبنا من جديد، وبأي ثمن ومهما كانت التضحيات».

وبينما يشير كثير من «القوميين» الى دعم لا بل تسهيل لانتخابات المجلس الاعلى الحالي الذي انبثقت القيادة عنه، من قبل أطراف إقليمية وحزبية هامة، يلفت هؤلاء الى أن النية هي في تحجيم حردان من دون كَسره. 

وبينما من حق الرئيس الجديد للحزب تعيين مجلس العمد، يشير البعض الى أنه لن يكون هناك تغيير دراماتيكي في المعركة الدائرة بين حردان والقيادة التي، وإن اعتبرتها المعارضة قيادة أمر واقع، الا أنها تأمل منها الشروع في حوار وتوحيد للحزب. وثمة وجهة نظر تعتبر أن الحزب أمام فرصة تاريخية لإقامة مؤتمر يُوحد الحزبيين في أيار المقبل تنبثق عنه محكمة حزبية موثوقة تعالج الشكاوى والطعون، كما تستوعب العناصر «القومية» التي تركت الحزب إعتراضا على نهج حردان.

وفي هذا الإطار، جاء البيان النداء من قبل رئيس هيئة مكتب المؤتمر العام حنا الناشف الذي دعا الى إنجاح المؤتمر المقرر في أيار المقبل «وأن يكون المؤتمر تاريخياً لوحدة السوريين القوميين الاجتماعيين. ولمناقشة أمور وقضايا حزبهم وسقطاته وانتصاراته، والوصول إلى إصدار التوصيات اللازمة لعودة الحزب الى سعادة».