بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 شباط 2023 12:54م المشهد مخيف  .. والفوضى قد تتمدد مع تلاشي ما تبقى من معالم مؤسسات

حجم الخط
بدا المشهد الداخلي قاتماً أكثر من أي وقت مضى، مع اتساع نطاق الفوضى في الشارع على نحو غير مسبوق، بإحراق عدد من المصارف في بيروت ومناطق أخرى . وهو ما ينذر بدخول لبنان مرحلة شديدة الخطورة ومفتوحة على كل الاحتمالات، بعدما تجاوز سعر صرف الدولار في السوق السوداء ال80 ألف ليرة، فيما قارب سعر صفيحة البنزين المليون ونصف المليون . وفي ظل عجز المسؤولين عن وقف الانهيارات المتسارعة، باتت الأمور على درجة عالية من التعقيد، وسط تحذيرات من اقتراب موعد الانفجار الشعبي الذي يهدد بهدم الهيكل على رؤوس الجميع، ومع تلاشي ما تبقى من معالم دولة ومؤسسات في هذا البلد الذي فقد ركائز بقائه . وبشهادة المنظمات الدولية التي تنظر نظرة شك وعدم اطمئنان إلى مستقبل لبنان على مختلف الأصعدة .
ومع عودة الاضطرابات إلى الشارع، وما تخللها من قطع للطرقات، واحتدام المواجهة بين المودعين والمصارف، والذي تمثل بإقدام عدد من المودعين على حرق واجهات بعض المصارف في بيروت، ومحاولة حرق مدخل رئيس جمعية المصارف سليم صفير، فإن المعلومات المتوافرة ل"موقع اللواء" تشير إلى أن هناك خوفاً جدياً على الاستقرار الداخلي، مع تفاقم الأوضاع المعيشية والحياتية، ما قد يخرج الوضع عن السيطرة في أي وقت . وهذا ما دفع الجيش والقوى الأمنية إلى تكثيف الانتشار في بيروت وعدد من المناطق، بعد ورود تقارير، عن إمكانية انفلات الشارع، وإمكانية حصول أحداث أمنية، لا يمكن التكهن بنتائجها على الأوضاع في البلد . وهذا ما تم عرضه في اجتماع مجلس الأمن المركزي الذي عقد في السرايا الحكومية، وما تخلله من مواقف محذرة للرئيس نجيب ميقاتي الذي أوحى بأن هناك جهات أوعزت بتحريك الاضطرابات في الشارع، وتحديداً ما يتصل بحرق المصارف .
وإذ تشير التوقعات إلى أن هذه المواجهة بين المودعين والمصارف ذاهبة إلى مزيد من التصعيد على مختلف المستويات، فإن نتائج كارثية منتظرة إذا طال أمد الكباش القائم بين الطرفين، مع ما لذلك من تداعيات ثقيلة على المواطنين، إذا استمر إقفال المصارف التي قد تتجه إلى رفع السقف والتهديد بإجراءات أكثر إيلاماً، بعد الذي تعرضت له في الساعات الماضية، دون استبعاد اتجاهها نحو تمديد الإقفال، بانتظار اتخاذ إجراءات تحميها من ملاحقات القضاء والمودعين . وهو أمر يكتنفه الكثير من الغموض، ما سيزيد بالتأكيد من عمر الأزمة، وينقل المواجهة إلى مراحل أكثر خطورة، وسط غياب معالم أي حل قد تقبل به الأطراف المتصارعة، ومع دخول الصراع منعطفات حاسمة تنذر بالأسوأ . 
وتزداد الخشية وسط هذا الجو القاتم، أن يواصل الدولار الأميركي صعوده الهستيري، وتالياً تحليق أسعار المحروقات التي ستصبح أسعارها مرشحة للتعديل ثلاث مرات في اليوم، توازياً مع "دولرة" بيع المواد الغذائية في المخازن والسوبر ماركات، في خطوة زادت من معاناة اللبنانيين، خلافاً لكل ما يقال . وهذا إن دل على شيء، فعلى تخبط المسؤولين وعجزهم عن اتخاذ الخطوات المدروسة التي تخفف من وجع الناس، وتوقف المضاربة على العملة الوطنية جدياً، بما يخفض سعر الدولار، ويحد من حجم التداعيات الكارثية التي أصابت اللبنانيين في أوضاعهم الحياتية والمعيشية، في ظل حفلة جنون ما عاشوها في حياتهم يوماً، حتى في عز أوقات الحرب .  ومع تزايد الشكوك عن عدم قدرة المصرف المركزي عن التدخل للجم انهيار الليرة مقابل الدولار الأميركي، ما يزيد الطين بلة، ويعمق المأساة أكثر فأكثر .
ولعل أبلغ دليل، على مدى الانحدار المخيف الذي وصلت إلى الأوضاع في لبنان، دعاء رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري، أن يعين الله هذا البلد، لأنه يدرك أن أبواب الحلول ما زالت موصدة، وأن ما ينتظر اللبنانيين، قد يكون أكبر من قدرتهم على التحمل في المرحلة المقبلة . وهذا ما يدفعه إلى التمسك بقرار الاستمرار بتعليق عمله السياسي، باعتبار أن لا شيء تغير في لبنان، ولن يكون بإمكانه أن يحدث أي تغيير، طالما أن العقلية لا زالت نفسها، مع إصرار البعض على أسر الاستحقاق الرئاسي، حتى يكون له ما يريد، دون أي استعداد لتقديم تنازلات تخرج اللبنانيين من هذا الكابوس، وتفتح أبواب الانفراج الداخلي، لأن الخارج غير مهتم بلبنان . ولا بد أن يكون توافق الفرقاء مدخلاً لإخراج البلد من النفق .

أخبار ذات صلة