بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 كانون الثاني 2020 12:00ص المطلوب ثقة الشعب

حجم الخط
ينقل المقرّبون من الرئيس المكلف انه لا يزال يتمسك بالاتيان بحكومة إنقاذ من اختصاصيين مستقلين عن المنظومة السياسية، بحيث تشكّل فريق عمل متجانساً يستجيب لمطالب الثورة الشعبية العارمة، ولكن عندما يطلع المرء على خبايا الاتصالات التي يجريها مع الأحزاب والقوى السياسية المؤثرة داخل المجلس النيابي يصطدم بواقع مختلف تماماً عمّا يقوله هؤلاء المقربون وحتى عن المواقف التي أطلقها الرئيس المكلف غداة تكليفه، ملخصه ان التركيبة التي يقوم على هندستها تستند في الشكل والمضمون إلى شروط وضعها الفريق الذي سماه لتشكيل الحكومة، وفي مقدمة هذه الشروط اختيار مَن سيمثلونهم في الحكومة العتيدة، فكيف اذن يُمكن ان يوفق الرئيس المكلف بين ما يريده هو وما يريده هؤلاء الذين سموه لتأليف الحكومة؟

المنطق يقول بأن المطلوب هو الاتيان بالحكومة التي يطالب بها الثوار، تكون من الاختصاصيين المستقلين فعلاً لا شكلاً عن المنظومة السياسية الفاشلة والتي اوصلت البلاد إلى ما هي عليه اليوم من انهيار اقتصادي ومالي واجتماعي على كل المستويات، وحملت الشعب اللبناني بأكثريته الساحقة على إعلان الثورة على تلك المنظومة والبقاء في الساحات إلى ان يرحلوا من الحياة السياسية، «كلهم يعني كلهم» على ان تتولى حكومة انتقالية من الاخصائيين المستقلين تمام الاستقلال مهمة اتخاذ الإجراءات اللازمة للتخلص منها، لا ان يفسح لها في المجال لإعادة إنتاج نفسها عبر حكومة يختارها على شاكلة الحكومة المستقيلة، كما تدل عليه المشاورات الجارية بين تلك المنظومة الفاسدة والفاشلة وبين الرئيس المكلف حتى الآن. في حين ان المطلوب أولاً وأخيراً هو ان تستسلم لإرادة الشعب الثائر، وتتخلى عن مكتسباتها وعن كل شروطها، بدلاً من ان تتمسك بها، تحت حجج وذرائع مختلفة ومنها منح الثقة للحكومة العتيدة أو حجبها عنها. بينما المطلوب هو الحصول على ثقة الشعب الذي لولا ثورته لما أصبح اليوم دياب رئيساً مكلفاً تشكيل حكومة تنقذ البلاد من المآسي التي تعيش فيها نتيجة سياسة المحاصصة وتقاسم المغانم بين أرباب الطغمة، التي توالت على الحكم طوال عشرات السنين الماضية، وما تعيشه في هذه الأيام العجاف من فرض لأسماء الوزراء من قِبل الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر ومن لف لفهم من قوى الممانعة أو الثامن من آذار على الرئيس المكلف، إلا دليل على ان الحكومة العتيدة، ستشكل خيبة أمل للشعب، وستزيد من أوار ثورته ضدها ولن يكون مصيرها أفضل من مصير تلك الحكومة التي فرضت عليها الثورة العارمة الاستقالة قسراً من السلطة، والاعتراف علناً بفشلها الذريع في إدارة دفة الحكم، وبايصال الوضع العام إلى الانهيار التام. فالشعب هو مصدر السلطات واليه يعود الخيار والقرار وليس لأي أحد آخر.