بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 كانون الثاني 2018 12:00ص تداعيات المرسوم 94

حجم الخط
لم تنجح كل الوساطات التي بُذلت، قبل أن يطوي العام 2017 صفحته الأخيرة، في غسل القلوب بين الرئاستين الأولى والثانية وفتح آفاق الاستقرار السياسي على العام 2018، فبعبدا لا تزال على موقفها الثابت من المرسوم المتعلق بدورة ضباط 1994، وتعتبر أن مطالب عين التينة تمس بصلاحيات رئيس الجمهورية، والرئاسة الثانية على موقفها الرافض لتمرير هذا المرسوم، وتعتبر تصرف الرئاسة الأولى خروجاً على اتفاق الطائف، ودفناً للميثاقية الوطنية التي قام عليها هذا الاتفاق.
وبين هذين الموقفين المتضادين للرئاسة الأولى والثانية يأتي دور الرئاسة الثالثة التي تشعر بكثير من الحرج بعد توقيع رئيس الحكومة على المرسوم المذكور وتسليمه بشكل أو بآخر بوجهة نظر الرئاسة الأولى.
فهل هذا الصراع المعقد بين قصري بعبدا وعين التينة مع دخول العام الجديد، مؤشر على ان اللبنانيين، الذين يعلقون الآمال على ان يكون هذا العام أفضل من العام المنصرم على حدّ التعبير الذي استخدمه رئيس الجمهورية في رسالة رأس السنة التي وجهها إلى اللبنانيين، سوف يندمون على هذه الآمال، ويعيشون عاماً جديداً من اللااستقرار السياسي الذي لا يجلب معه الا المزيد من الفوضى والركود الاقتصادي وتفاقم الوضع الاجتماعي والمزيد من هجرة الشباب إلى بلاد آمنة يعيشون فيها بحرية وطمأنينة على مستقبلهم؟
وسط هذه الغيوم المتلبدة مع بداية العام الجديد ما زال بعض المقربين من الرئاستين الأولى والثانية، يرى أن الطريق بين بعبدا وعين التينة لم تنقطع نهائياً، وانه لا يزال هناك أمل في الوصول إلى تسوية تطوي أزمة مرسوم الضباط وتعيد عجلة الدولة إلى الدوران حاملة معها آمال اللبنانيين بأن يكون العام الجديد أفضل من العام المنصرم، وأن يروا نهوض الدولة على كل المستويات مصحوباً باستقرار سياسي يمتد، على الأقل، إلى ما بعد الانتخابات النيابية.
ويبدو ان الرئاسة الثالثة، من هذا الفريق المتفائل بتجاوز الأزمة بين الرئاستين على خلفية انهما، لن يفرطا بالتسوية، لا سيما الأخيرة التي انعشت آمال اللبنانيين ووعدتهم بسنة جديدة عامرة بالاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي وعلى وجه الخصوص في تسيير شؤون الدولة في ظل الرياح العاتية التي ما زالت تعصف بالمنطقة، ولا يبدو في الأفق المنظور بأن هناك أي إمكانية لانهاء الصراعات الدائرة والتسليم بتسوية شاملة لكل أزمات المنطقة، بدءاً بسوريا حيث يبدو مع دخول العام الجديد ان التسوية المعهودة تراجعت نسبة حصولها بشكل غير متوقع، أو متوقع من الذين يصنعون التسويات ويسوقونها كل بما يتماشى مع مصالحه الاستراتيجية في هذه المنطقة من العالم.
بعدما أعلن رئيس الحكومة في رسالة توديع سنة 2017 واستقبال السنة الجديدة انه بدأ وساطة بين الرئيسين عون وبري بشأن المرسوم 1994، وقال بأن هناك تجاوباً، تحدثت المصادر عن ان اطفائية رئيس الحكومة ستتحرك، حيث ستكون في الساعات القليلة المقبلة اتصالات وحتى زيارات إلى القصر الجمهوري ومقر الرئاسة الثانية في محاولة منه لتطويق مفاعيل الخلاف الناشب بين الرئاستين الأوّلى والثانية قبل ان يطال عمل المؤسسات الدستورية وعلى رأسها الحكومة التي دعيت أمس إلى الاجتماع يوم غد الخميس.
لكن تدخل الرئاسة الثالثة في الخلاف المحتدم بين الأولى والثانية يبقى دون الآمال التي تعقد عليه بعدما وصل الخلاف بينهما إلى طريقين مختلفين وفي خطين متوازيين لا يلتقيان، الا في حال تراجع رئيس الجمهورية وقبل بتوقيع وزير المال على المرسوم، أو إذا تخلى رئيس مجلس النواب عن شرط توقيع وزير المال وقبل بالأمر الواقع، وكلاهما يبدوان حتى الساعة بعيدا التحقق أو غير قابلين له في ظل تمسك الرئاستين الاولى والثانية بمواقفهما المعلنة والمستترة، ما يعني ان الأمور تسير في منحى سلبي، تترتب عليه تداعيات على الأوضاع العامة تنسف كل الآمال التي بناها اللبنانيون على وعد المسؤولين لهم بأن العام الجديد سيكون أفضل من المنصرم.