بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 كانون الأول 2019 12:01ص تناقضات

حجم الخط
منذ تكليفه، لا يزال الدكتور حسان دياب يُؤكّد انه سيشكل حكومة اختصاصيين مستقلة، وفي آخر تغريدة له بعد الاستشارات النيابية غير الملزمة، أكّد ان الحكومة الجديدة ستكون وجه لبنان الجديد ولن تكون حكومة فئة سياسية من هنا وهناك وستكون حكومة اختصاصيين بامتياز، فهل سيلتزم الرئيس المكلف بذلك أم يتراجع عنه ويرضخ للأمر الواقع الذي ستفرضه عليه القوى التي سمته لتشكيل الحكومة، وهي الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر وباقي قوى الثامن من آذار وتكون حكومته محض تكنو-سياسية.

يبدو حتى الآن ان فريق 8 آذار ما زال مُصراً على خيار حكومة التكنو-سياسية، لا سيما وأنه كان أبدى كل استعداد لتسهيل مهمة الرئيس دياب، وان كان اعلامها الناشط يخلو من هذه التسمية لفظياً فإن رئيس مجلس النواب كان السباق إلى رسم خريطة الحكومة العتيدة، عندما أكّد بعد استقباله الرئيس المكلف على ان يكون تشكّيل الحكومة المقبلة مناسبة للمّ الشمل، وبالتالي الإصرار على تمثيل جميع الشرائح البرلمانية، بدءاً من «الحراك» و«المستقبل» والتقدمي الاشتراكي وانتهاء بالقوات.

وإذا كان رئيس المجلس اكتفى بالتلميح ولم يدخل في التفاصيل، فإن وزير حزب الله في حكومة تصريف الأعمال محمّد فنيش، قال الأمور على حقيقتها، وهي ان الحكومة المقبلة بحاجة إلى غطاء سياسي، وعليه فإننا ندعو إلى مشاركة واسعة من قِبل الجميع، وهذا مقتضى المسؤولية الوطنية والشعور بمشاكل النّاس من خلال الدعوة الى ان يكون هناك مد يد العون للرئيس المكلف لأنه لا بديل عن تشكيل حكومة، وبالتالي أي مطلب مهما كان محقاً لا يُمكن ان يحقق أو يعالج ان لم تكن هناك سلطة ومؤسسات تعمل.

هذه السقوف المتباعدة بين ما يريده الرئيس المكلف وما يريده الفريق الأكثري الذي سماه لتشكيل الحكومة، ونقصد به بالدرجة الأولى الثنائي الشيعي، تؤشر إلى خلاف لا بدّ ان يظهر مع الوقت بين دياب ومكلفيه، شبيه بذلك الذي دفع بالرئيس سعد الحريري إلى الانسحاب من السباق إلى الرئاسة الثالثة، رغم انهما كانا من أشدّ الداعمين لعودته إلى رئاسة الحكومة، وإن تذرع بعدم تسميته من قِبل المكون المسيحي وتحديداً من القوات اللبنانية، الا إذا كان أحد الطرفين يقول غير ما يضمر. وبمعنى أوضح هل ان ما قاله الرئيس المكلف فور تكليفه وبعد الاستشارات غير الملزمة عن تمسكه بحكومة مستقلة من الاختصاصيين كان موجهاً إلى الشارع الثائر بهدف ارضائه وتهدئته، في حين انه ملتزم بتوجيهات حتى لا يقال بشروط الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر لجهة ان تكون الحكومة التي سيشكلها تكنو-سياسية؟ أم ان ما يقوله في العلن هو ما يضمره فعلاً وان طلبه اعطائه مهلة أربعة أو ستة أسابيع لتشكيل الحكومة العتيدة إنما يريد من ورائه شراء الوقت والتفاوض على البارد مع الذين سموه لتشكيل الحكومة لإيجاد ارضيه تفاهم معهم على التركيبة المنتظرة، فإذا كان الأمر كذلك، فإن شراء الوقت لن ينفع في إخماد عزيمة الثورة، بل سيزيدها تصميماً على مواصلة تحركها إلى ان تستجيب السلطة لمطالبها وفي أوّلها تشكيل حكومة مستقلة من الاختصاصيين لا يكون للطبقة السياسية أي دور في اختيار الأعضاء كما يروّج حالياً في الوسط السياسي من ان هذه الطبقة ستقدم لوائح بعدة أسماء تختارهم وتترك للرئيس المكلف ان يختار من بينهم الوزراء الذين سينضمون إلى الحكومة الجديدة، اما إذا كان ما يروّج له الثنائي الشيعي من استعداد لتسهيل مهمة الرئيس المكلف بوصفه حليفاً له، فعليه عندها القبول بشروطه المعلنة والانكفاء عن الملعب الوزاري واعطائه حرية التصرف في اختيار وزراء من ذوي الاختصاص المستقلين والمشهود لهم بالكفاءة ونظافة الكف والاستعداد الكامل لمحاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين واستعادة المال المنهوب.