بيروت - لبنان

اخر الأخبار

30 تشرين الثاني 2017 12:04ص «ثلاثية» حل أزمة الاستقالة والغياب: الموقف اللبناني الصلب والضغط الأميركي لحماية النفط والأوروبي لمنع تدفّق النازحين

حجم الخط
استوعب لبنان بكل اطيافه واطرافه ازمة استقالة الرئيس سعد الحريري وتغييبه عن لبنان، عبر مواقف قوية وتحركات مكثفة داخلياً وخارجياً، اثمرت توافقا على مخرج يليق بالحريري ولا يكسر الجرة مع السعودية ولا يزعج «حزب الله»، قالت مصادر وزارية من فريق الحريري انه يجري العمل على ترتيب الصيغة المناسبة لإخراجه الاسبوع المقبل.
لكن المصادر الوزارية تؤكد انه ما كان ممكناً إيجاد الحل سريعاً لأزمة الاستقالة وغياب الحريري عن لبنان، لولا تضافر ثلاثة عناصر ضغط كبيرة محلية وخارجية، اولها الموقف اللبناني الرسمي والسياسي والشعبي الذي صار معروفاً، والذي شكل حالة وطنية التفّت حول الحريري لإزالة الالتباس الذي جرت فيه الاستقالة واسباب غيابه الفعلية عن لبنان، لحين اتضحت الصورة عبر المراسلات التي جرت بين الحكم برئيسيه ميشال عون ونبيه بري، وبين الدول العربية الشقيقة والاجنبية الصديقة، لا سيما مصر وفرنسا، اللتين تولتا مع دول اخرى الاتصال بالحريري في الرياض وبالدوائر الرسمية السعودية لتبيان ظروف الاستقالة وسبب بقائه بالرياض.
واذا كانت مصر وفرنسا كانتا في واجهة التحرك، فإن تحرك الاميركيين  وبعض دول اوروبا  الاخرى، كان فعالاً جداً ولو من وراء الاضواء، حيث جرت خلف الكواليس مساعٍ عبر اتصالات وموفدين ومواقف لكبار المسؤولين الاميركيين والاوروبيين لا سيما الالمان والبريطانيين لحماية  استقرار لبنان سياسيا بعد ضمان الاستقرار الامني الى حد كبير جدا فيه.
 وتوضح المصادر الوزارية ان الادارة الاميركية بعد التشاور مع حلفائها الاوروبيين لا سيما الفرنسيين، تحركت باتجاه الحريري والسعوديين، طالبة عدم المس باستقرار لبنان السياسي في هذه الفترة، لأنه يمس بالوضع الامني وبالوضع الاقتصادي، وخاصة على موضوع تلزيم بلوكات استخراج النفط والغاز من المياه الاقليمية اللبنانية في المتوسط، وهو الامر الذي تعوّل عليه الادارة الاميركية امالاً كبيرة للاستفادة منه لاحقاً مع الاوروببين، وهذا ما يُفسّر برأي المصادر الاهتمام الاميركي السابق والقائم حاليا، لمعالجة مسألة الخلاف بين لبنان وبين الكيان الصهيوني ودول الجوار حول الحدود البحرية لكل منطقة بحرية اثبتت الدراسات انها تحتوي كميات من النفط والغاز في كل دولة وكيان .
   وتقول المصادر الوزارية ان الضغوط الاميركية شملت كل المعنيين المحليين والاقليميين بأزمة استقالة الحريري، بهدف العودة عن الاستقالة وعدم زعزعة الاوضاع المستقرة في لبنان، اما الاوروبيون فكانوا كالاميركيين ضاغطين بقوة، لكن الموقف الالماني كان اكثرحدّة تجاه العبث بالاستقرار اللبناني،وارسل المسؤولون اشارات علنية وواضحة بذلك الى المعنيين،لأنهم يعتبرون – كما كل اوروبا- ان أي فوضى سياسية في لبنان تعني اضطراب الوضع الامني، وبالتالي اضطرار عشرات الاف النازحين السوريين الى الهرب من لبنان والتفكير باللجوء الى اوروبا لا سيما الى المانيا باعتبارها الاكثر قدرة لوجستية واقتصادية على استيعابهم، لكن الالمان بعد موجة الارهاب التي ضربت اوروبا اصبحوا متشددين جداً بموضوع النزوح واللجوء.
ولا تخفي المصادر الوزارية ان المواقف الاميركية والاوروبية شكّلت عامل ضغط ودفع اضافي للجهود اللبنانية لمعالجة ازمة الاستقالة واسبابها طبعاً، مع إصرار الرئيس الحريري على معالجة الاسباب والتشدد في الالتزام بما طلبه للعودة عن الاستقالة، وهو المطلب الذي دفع الرئيس عون الى إجراء المشاورات مع القوى السياسية كافة، للاتفاق على الصيغة المناسبة للحل.
 ويبدو ان كل هذا الجهد المحلي والخارجي أثمر قراراً بعودة الرئيس الحريري عن استقالته واعادة احياء عمل المؤسسات الدستورية، واول الغيث جلسة مجلس الوزراء المرتقبة الاسبوع المقبل، ودعوة رئيس المجلس نبيه بري اللجان المشتركة لمناقشة مشاريع واقتراحات القوانين الخمسة المتعلقة باستخراج النفط والغاز وإدارة القطاع. وهو ما اعتبرته المصادر الوزارية «عودة لممارسة المجلس دوره التشريعي في قضايا استراتجية كبرى كالنفط، حتى لا تتفرد الحكومة والوزير المعني به وبما يؤدي الى إثارة المشكلات والخلافات حوله».