بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 تشرين الثاني 2019 12:03ص «ثوار» «رياض الصلح» و«الشهداء»: لسنا قطّاع طُرُق وخطاب عون قدم Update للثورة!

حجم الخط
لعل أبرز إيجابيات حراك ساحتي رياض الصلح والشهداء انه لم يخرج عن المشهد الذي بزغ فيهما مع فجر الانتفاضة في 17 تشرين الأول الماضي.

 يحافظ المكان على روحيته منذ اليوم الأول. والأمر طبيعي، فصانعو المشهد هم مجموعات المجتمع المدني والحزب الشيوعي وحركة الشعب والتيارات النقابية الشبابية والنسائية والمستقلين حزبيا، لكن الناشطين في الحراك من أساتذة جامعات ومثقفين وطلاب وجموع من طبقات اجتماعية مختلفة تغلب عليها المطالب الاجتماعية.

 من هنا يكتسب الحراك صورته النقية مهما حاول كثيرون تشويهها، ولعل الدليل على ذلك ان المشهد لم يجاري ما حدث في مناطق أخرى من أعمال عنفية وتحركات اتخذت صيغا حزبية شوهت الحراك ودفعت كثيرين الى اتخاذ مواقف مضادة له ولسان حال منتفضي الساحتين «أننا لسنا قطاع طرق»!

 لكن ذلك لا يلغي ان المطالب هي نفسها بين الغالبية الساحقة من المحتجين، فبُغض السلطة ليس مغايرا في وسط بيروت عنه في الاماكن حيث قطعت الطرقات ونزل المحتجون بعنف أحيانا وحيث حدثت صدامات قد تنذر بالمزيد.

مقابلة عون: UPDATE للثورة!

 إختزلت المقابلة الأخيرة لرئيس الجمهورية ميشال عون الكثير من الانتقادات التي وجهت الى السلطة منذ اندلاع الانتفاضة. وهي انتقادات لا تتعلق فقط بمضمون الخطاب الذي خرج به عون والذي لم يقدم الحل المنشود، بل أيضا بأسلوب رئيس الجمهورية وعصبيته. 

 يُجمع أصحاب الحراك على رفض «اللهجة الأبوية الفوقية» التي خرج بها عون نحوهم، والتنديد بطروحات مختلفة أدلى بها رافضا للرأي الآخر وكأنهم به يسألهم: ماذا تفعلون في الشارع بعد نحو شهر من انتفاضتهم!

 بالنسبة الى المنتفضين هناك، فإن خطاب عون قدم تعزيزا لانتفاضتهم بعد ان استخف بهم. ويتندر أحمد المواظب على التواجد في تلك الساحات، إنه توقع أن يمد عون يده الى المتظاهرين فإذا به يمد العصا إليهم! ويسأل: نحن ثورة، ليس علينا المحاورة، نحن نوجه مطالبنا الى السلطة المسؤولة علينا كشعب، لكنه بكلماته فقد قدم لنا UPDATE  للثورة!

 والواقع ان في حراك تلك الساحات رؤية موحدة حول رفض الخروج نحو الشوارع لقطع الطرقات ودفع البلاد نحو الشلل، وهو ما يسجل إيجابا لهم. وبينما نزل محتجون شبان صباحا الى منطقة الرينغ حيث قطعوا الطريق، فإن الامر لم يستمر طويلا وأخلى هؤلاء الساحة. ولسان حال هؤلاء «اننا أردنا الخروج بقرار منا وليس في شكل إجباري، ولكنها رسالة الى رئاسة الجمهورية  بأننا هنا ونستطيع العودة متى شئنا».

 ولعل أهم ما يميز مشهد تلك المنطقة عن غيره حيث قطعت الطرقات وبلغت الامور حد الاشكال مع القوى الامنية، ان وسط بيروت بقي بعيدا عن الاختزال السياسي لتحركاته، وهو ما يفسر إيجابية المتظاهرين وسهولة مهمة الجيش والقوى الامنية في منطقة برج الغزال قرب الرينغ عنها في مناطق كالشوفروليه أو جل الديب أو خلدة أو ذوق مصبح..

 يؤكد أصحاب الحراك في رياض الصلح ان رفضهم لأعمال مضرة بالبلد لا يعني الاستمرار وبقوة في رفع الصوت عاليا ونقل معاناة الفقراء والمحرومين. «الوضع لم يعد يحتمل» حسب حنان التي تضيف: نعاني من الغلاء والبطالة وفوق ذلك تفرض علينا الضرائب والرسوم.

 ويتدخل أحمد لإضافة قضايا جوهرية يعاني منها اللبناني كالكهرباء والمياه وغلاء المعيشة والأقساط.

 والواقع انه في هاتين الساحتين، كانت مجموعات الحراك المدني قد استهلت نشاطها وأطلقت صرختها قبل سنوات أربع في وجه أزمة النفايات. تسأل حنان: ماذا حدث منذ ذلك حتى الآن من إنجاز على هذا الصعيد؟! ماذا عن بيئتنا وصحتنا؟! ماذا عنّا كبشر؟!

 في أرجاء المكان حديث عن رفض كل منطلقات السلطة وخطاباتها الى درجة أن مطالب إسقاط رئاسة الجمهورية لم تكن متواجدة في شكل ملحوظ عند بدء الانتفاضة، بينما سرت بقوة في أوساط «الثوار» بعد كلمات عون أمس الأول. ويتندر البعض حول أن أي خطاب مقبل من أي كان في السلطة قد يأتي بالمزيد، لا بل انه سيصعد من احتجاجات الثوار في حال عدم تقديمه أجوبة جوهرية على مطالبهم.

 أمس الأول، ومع ورود أقاويل حول ارتباطات ما لبعض الحراك مع الخارج وتحركهم باتجاهه، سارع الجميع في رياض الصلح والشهداء الى التبرؤ من أية محاولة للاستقواء بالخارج في وجه أبناء وطنهم. هي المسؤولية التاريخية التي تصدر عن شباب واع وناضج يدرك تماما واجباته الوطنية.

صعوبة الحل

 يعلم جميع من في ساحتي رياض الصلح والشهداء صعوبة التوصل الى حل قريب للأزمة. هم يجتمعون على مطالب واضحة يجب أن تقدم سريعا من قبل السلطة مثل حكومة انتقالية موثوقة تضع قانونا حديثا للانتخابات النيابية يسفر عن طبقة سياسية مغايرة للحالية. طبعا، يختلف هؤلاء حول طبيعة تلك الحكومة، ويرفض الغالب الأعم في الحراك حصر الموضوع في حكومة تكنوقراط ولكنهم يجمعون على رفض سياسيي هذه المرحلة فيها. هم يريدون لفظ كل الطبقة السياسية التي «تسلطت على اللبنانيين منذ العام 1992 حتى اليوم».

 هذا هو الهدف الآني الأول، تشكيل حكومة جديدة، أما مهمتها الاساس، فإضافة الى قانون الانتخاب، فستكون محاسبة كل الفاسدين والسارقين ما سيمهد لاستعادة الاموال المنهوبة، وهو مطلب يتمسك به الجميع وبقوة. 

 لعلها رؤية حالمة لديهم، كونها في حاجة الى تراكم تاريخي طويل بعد 100 عام على تأسيس لبنان، لكي تحقق الهدف في استبدال نظام طائفي شكل على الدوام سبب البلاء والحروب، في اتجاه نظام مدني عادل بعيد عن ديكتاتورية الطوائف وفساد الطبقة الحاكمة.