بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 كانون الأول 2023 12:01ص حرب تشرين 2023: من حصار غزة إلى حصار إسرائيل

حجم الخط
في السادس من تشرين الأول، عقدنا في الصالون الثقافي في بيروت «اقرأ» جلسة حوارية بعنوان: قراءة جيوسياسية حول الصراع الروسي - الأوكراني، لكن منحى الحوار ومضمونه انتقل الى الصراع العربي - الإسرائيلي مع تزامن عقد الجلسة الحوارية للذكرى الخمسين لحرب تشرين من العام 1973.
لم نكن نتوقع أن نستفيق فجر يوم السابع من تشرين الأول على طوفان اتخذ شكل هجوم متعدد المحاور على إسرائيل، بما في ذلك البلدات الإسرائيلية الحدودية التي تحيط بقطاع غزة. حيث انهمرت آلاف الصواريخ على مناطق في إسرائيل في الساعات القليلة الأولى. وصاحبه هجوم منسق لمقاتلي حركة حماس، الذين أطلقوا مسيَّرات مسلّحة لقصف أجزاء من نظام الإنذار الإلكتروني الحدودي، واخترقوا المواقع العسكرية الإسرائيلية والسياج الأمني المحيط بقطاع غزة، كما استخدموا مظلات ب مزوّدة بمحركات عبروا فيها فوق السياج، ما أعاد الى الأذهان الهجوم المباغت للجيشين العربيين المصري والسوري في حرب العام 1973.
قد يكون من الصعوبة بمكان تحليل مسار الحرب وتوقّع نتائجها السياسية والعسكرية، لكن بالمقابل ثمة معطيات أو أحداث رافقت حرب تشرين الجديدة ستترك أثراً في المسار السياسي للشرق الوسط، وأهم تلك الأحداث او بمعنى أدق التحولات هي انتقال إسرائيل من موقع الجهة التي تحاصر قطاع غزة الى موقع الجهة التي تتعارض للحصار، والمقصود هنا ليس الحصار بمعناه الدقيق بل هو الحصار المعنوي فضلاً عن الحصار بالمسيّرات.
وقبل الغوص في تحليل مشهد الحصار والحصار المقابل، يقتضي الإشارة الى أن الحصار على قطاع غزة في بدأ عام 2007، مما أدّى إلى ظروف إنسانية صعبة وتدهور اقتصادي. وله تأثير كبير على الحياة اليومية للفلسطينيين في القطاع. وقد تأثّر الاقتصاد الغزاوي تأثراً كبيراً، وكذلك الوصول إلى الخدمات الأساسية. لأهالي القطاع.
مما لا شك فيه أنه مع مرور الوقت، نجحت حكومة حماس في تحقيق بعض التحسن في الأوضاع الاقتصادية والإنسانية. حيث تمّت إعادة إعمار بعض المناطق المتضررة، وزُيِّنت بعض الجوانب الاقتصادية.
لكن في المقابل فإن الممارسات الإسرائيلية الأمنية بحق الفلسطينيين في القطاع والضفة الغربية والقدس استمرت على منوالها المرتفع في انتهاك المقدسات والأعراض وضرب عرض الحائط بكل القيم الإنسانية والدينية والاجتماعية والقانونية.
بالتوازي مع ذلك، واجهت إسرائيل تحديات كبرى على صعيد الداخل الإسرائيلي في انقسام غير مسبوق في الحياة السياسية داخل الكيان وكانت واجهته تعديلات قضائية تطال نظام التقاضي داخل إسرائيل، فعمدت إسرائيل الى محاولة الانفتاح على محيطها للهرب من ازماتها الداخلية وجرائمها المتواصلة.
مع الهدنة التي أعلنت مؤخراً قد يمكن للمرء أن يقوم بتحليل أولي لمعطيات الحرب الدائرة مع توقف آلة القتل والتهجير والتدمير مؤقتاً عن عملها، فأولى النتائج الأولية هي عودة القضية الفلسطينية لتأخذ صدارة الأحداث العالمية، في تأكيد على مركزية القضية عالمياً، وقد نجحت تلك الحرب في فك العزلة والحصار عن قضية فلسطين وحقوق شعبها، بل أكثر أصبحت إسرائيل هي المحاصرة فعلياً برد فعل شعبي مستاء من فظاعة جرائمها شمل القارات الخمس، ومن ناحية أخرى برز معطى عدم استقرار إسرائيلي على كافة الأراضي المحتلة من إيلات الى الجليل ومن البحر الى النهر، حيث المسيّرات المتفجرة تصول وتجول عبر محاور عدة، ناهيك عن عدم استقرار في الملاحة من والى إسرائيل عبر كافة المنافذ من جوية وبحرية وغيرها، هذا فضلاً عن حركة السفن في البحر الأحمر.
قد يكون شهر تشرين فألاً سيئاً على الإسرائيليين، وقد أصاب البعض في تعليقاته ان الإسرائيليين يتمنون شطبه من الأشهر الإثني عشر.
إن الإطالة في الحديث عن نتائج الحرب هي ضرب من ضروب التنظير، خاصة مع عدم اتضاح سياقها النهائي، لكن هي جولة من جولات مستمرة، وللحديث تتمة.

* كاتب وباحث