بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 آب 2018 12:01ص حكومة متوازنة

حجم الخط
في الأسبوعين الماضيين اللذين تخللتهما عطلة عيد الأضحى المبارك، سادت على الساحة الداخلية أجواء تشاؤمية في ما يتعلق بتأليف الحكومة، وراحت بعض وسائل الإعلام والمصادر السياسية تتحدث عن سيناريوهات يمكن أن يلجأ إليها العهد في حال استمر هذا الجمود ولم يقدم الرئيس المكلف قبل أوّل شهر أيلول المقبل على تقديم مشروع حكومته إلى رئيس الجمهورية، ومنها سحب التكليف واجراء مشاورات نيابية جديدة لتكليف من ترشحه الأكثرية النيابية، وتعزز هذا السيناريو مع كلام منسوب إلى رئيس الجمهورية نفسه يُحدّد فيه الأوّل من شهر أيلول كحد أقصى لتأليف الحكومة، ثم راجت في الوسط السياسي والإعلام سيناريوهات أخرى تتعلق بالطائف نفسه، ووجود نيّة عند القيّمين على أمور البلاد والعباد لتعديله بما يتناسب مع إرادة رئيس الجمهورية والقوى المتحالفة معه وعلى رأسها حزب الله، مما اثار ردود فعل قوية عند قيادات الطائفة السنية أدت إلى التراجع عن هذا السيناريو واستبداله بسيناريو آخر يتعلق بطبيعة العلاقات مع النظام السوري كشرط أساسي للقبول بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وترافق هذا السيناريو مع حملة منظمة على المملكة العربية السعودية واتهامها بالتدخل في شؤون لبنان الداخلية عبر الايعاز لحلفائها، ومنهم القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي لعرقلة تأليف الحكومة، على اعتبار ان المتضرر الأوّل من إبقاء البلاد بلا حكومة هو رئيس الجمهورية وليس الرئيس المكلف الذي ينتمي إلى نفس الاتجاه الذي ينتمي إليه «القوات» و«التقدمي».
ولما لم تؤدِ كل هذه السيناريوهات اغراضها، ولم تدفع بالرئيس المكلف للقبول بالتشكيلة التي ترضي التيار الوطني الحر وفريق الممانعة وعلى رأسهم حزب الله، تراجعت السيناريوهات وعاد الحديث مجدداً يُركّز على حكومة وحدة وطنية تضم كل المكونات اللبنانية، ما حمل الرئيس المكلف على التحرّك مجدداً أملاً منه بأن يحدث اختراقاً على صعيد تأليف الحكومة كأن يتراجع التيار الوطني عن شروطه المسكوبية ويتوقف حزب الله، ومن يسير في ركابه، عن تحميل المملكة العربية السعودية مسؤولية عرقلة تأليف الحكومة، فكانت مبادرته الاتصال برئيس الجمهورية والتشاور معه في بعض الأفكار التي تساعد على ولادة حكومة الوحدة الوطنية، كذلك الأمر مع رئيس مجلس النواب الذي يُشكّل موقعه معبراً إلى التشريع في ولادة الحكومة مما اشاع جواً من التفاؤل بأن يؤدي هذا التحرّك إلى حلحلة العقد التي يضعها العهد وحلفاؤه في طريقه، ويقتنع المعرقلون بأن لا شيء يمكن ان يحمل الرئيس المكلف على الاستسلام لارادتهم حتى ولو استمرت أزمة التأليف شهوراً أخرى. وها هو الرئيس المكلف يتحرك مجدداً مع القوى السياسية الفاعلة على أرض الواقع بدءاً من رئيسي الجمهورية ومجلس النواب وفق قناعاته الثابتة بأن لا حكومة تبصر النور الا إذا كانت حكومة متوازنة وطنياً تمثل كل المكونات، ولا تشكل غلبة لفريق على فريق آخر.