بيروت - لبنان

اخر الأخبار

15 كانون الثاني 2024 12:00ص حياد لبنان... خلاصه

حجم الخط
يُعرّف الحياد على أنه الوضع القانوني الناتج عن إمتناع دولة عن المشاركة في حرب مع دولة أخرى، والحفاظ على موقف الحياد تجاه المتحاربين وإعترافهم بهذا الإمتناع وعدم التحيّز. كما أنه يعني في بعض التعريفات عدم الميل إلى أي طرف من أطراف الخصومة، أو عدم الإنحياز إلى كتلة من الكتل المتصارعة دولياً.
وفي مواجهة التوترات والأزمات السياسية، فأنه من الأهمية التمسّك بمبادئ السيادة والمساواة بين الدول وسلامتها الإقليمية، وتقرير المصير وعدم التدخّل في الشؤون الداخلية لأي دولة أخرى.
فأين لبنان، دولة ومؤسسات وقوىً سياسية من هذا المبدأ الأساسي في العلاقات الدولية؟
بدايةً، فقد شدّد الميثاق الوطني لعام 1943 على فكرة «لا شرق ولا غرب»، إنطلاقاً من كون لبنان وطن سيّد حرّ ومستقلّ، وطن نهائي لجميع أبنائه، واحداً أرضاً وشعباً ومؤسسات، في حدوده المنصوص عنها في الدستور اللبناني.
وهكذا فإنه من المُفترض أن تعي الأطراف اللبنانية أن ولاءها يجب أن يكون للبنان فقط، ولكنها لم تستطع الخروج من إرتهاناتها الخارجية لهذه الدولة أو تلك.
القصّة بدأت مع حكم القناصل الذين حكموا لبنان قبل الحرب العالمية الأولى، عندها ظهرت أولى ملامح «الطاعة» للغريب عن أرضنا.
ومنذ ذلك الوقت، كرّت سبحة الشّرخ الوطني الكبير بين المكونات اللبنانية على إختلافها، إنطلاقاً من الإنقسامات التي رافقت كلّ حقبة من الحقبات التاريخية التي مرّت علينا.
ففي العام 1943، كان العنوان مع الإستقلال عن فرنسا، أو ضده.
وسنة 1968، كان الإنقسام بين من يؤيّد الوجود الفلسطيني المسلّح ومن هو ضده.
وعام 2005، أفرزت الأزمة آنذاك فريقي 8 و14 آذار، الأول قال شكراً سوريا، والثاني تظاهر بالملايين حتى أخرج قواتها من لبنان في 26 نيسان 2005.
ومن العام 2009، ولغاية اليوم، فإن الفرز السياسي الداخلي يتمحور بين من يؤيّد سلاح حزب الله في وجه العدو الإسرائيلي، وبين معارضيه بحجة إستخدامه في الداخل.
وتوصّلت طاولة الحوار الوطني برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في العام 2012، من وضع «إعلان بعبدا» الذي دعا في البند رقم 12 منه إلى «تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليمية والدولية، وتجنيبه الإنعكاسات السلبية للتوترات والأزمات الإقليمية، وذلك حرصاً على مصلحته العليا ووحدته الوطنية وسلمه الأهلي، ما عدا ما يتعلّق بواجب إلتزام قرارات الشرعية الدولية والإجماع العربي والقضية الفلسطينية المحقّة، بما في ذلك حقّ اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم وديارهم وعدم توطينهم».
وبعدما أُقرّ هذا الإعلان لبنانياً وعربياً ودولياً، خرج من يطلب علناً بأن «بلّوه وشربوا ميته»، مع أنه وافق عليه في جلسة الحوار المذكورة.
اليوم يتكرّر المشهد الإنقسامي نفسه، غداة استخدام حزب الله الجنوب كساحة «إسناد» للحرب الإسرائيلية الهمجية على غزة، مع سقوط عدد كبير من الشهداء.
وهكذا، فإن الاستنتاج البديهي أن خلاص لبنان من أزماته ومعضلاته كافة يكون بإعتماد سياسة الحياد، بإستثناء ما يتصل بإلتزام القضية الفلسطينية والعداء لإسرائيل.