بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 آب 2020 12:02ص رسالة عاجلة الى رئيس مجلس النّواب

حجم الخط
دولة الرئيس، يُدرك اللبنانيّون مدى حِرصكُم على استمراريّة الحياة السّياسيّة والمؤسّسات الدستوريّة ويُثمّنون جهودكم لتلافي أيّ فراغ قد تتسبب به الأحداث التي تعصِف بوطننا المُصاب. إلّا أنّهم شهدوا وما زالوا ما هو أخطر وأشرس من الفراغ السّياسيّ والدستوري في ظلّ المخالفات الفاضحة والدائمة للدستور وتعطيل الحياة السياسية كرمى مصالح البعض فوق مصالح الوطن والمواطنين. وما حصل في السنوات الأخيرة من ممارسات منافية لأحكام الدستور نصاً وروحاً، أوجد أعرافاً وقواعد جديدة يحرص البعض على ترسيخها والحفاظ على مفاعيلها، حتّى بتنا أمام دستور بديل غير منصوص.

دولة الرئيس، أنتُم خير من يُدرك أنّ دستور بلادنا أناط بالاستشارات النيابية المُلزمة مسؤولية تسمية وترشيح رؤساء الحكومات، ومن ثمّ اناط برئيس الحكومة المكلّف مسؤوليّة تأليف الحكومة من خلال الاستشارات النيابية حتّى تأتي الحكومة وفقاً لرؤية الكتل وما تصبو إليه، سواء على صعيد التمثيل أو البرامج أو أي شأن آخر. 

إلا أن رئيس الجمهوريّة، الذي أقسم يمين الحفاظ على الدستور، يواصل مساعي «التشكيل السريع» للحكومة قبل فتح باب المشاورات النيابية المُلزمة من أجل تكليف رئيس الحكومة العتيدة بذريعة أن هناك ضرورة لتسهيل مهمة الرئيس المكلّف، الأمر الذي يشكّل تعدّ صارخ ونافر على النصوص الدستوريّة، ومصادرة لصلاحيات الرئيس المكلّف المنصوص عليها في الدستور.

وأمام المشهد الحالي، تشعر قيادات الطائفة السنّية السياسيّة والروحيّة وأبناء الطائفة أن ثمّة محاولة لإقصائهم عن دائرة اختيار الشخصية المناسبة لتولي رئاسة الحكومة، في استهداف جديد لمكانة هذا المكوّن الوطني الأساس في المعادلة السياسية، والاستمرار في استضعاف موقع الرئاسة الثالثة بهدف «استعادة حقوق المسيحيّين» الموارنة التي سلبتهم ايّاها السنّية السياسيّة كما يزعمون. 

دولة الرئيس، إنّ وضع البلد المتدهور لا يتحمّل تداعيات تسمية رئيس الحكومة العتيدة بمعزل عن قيادات الطائفة وإرادة أبنائها، الأمر الذي يثير حفيظة الشارع السنّي وسيلقى مناوئة داخلية ودوليّة. كما أنّ إصرار رئيس الجمهوريّة على تأخير تحديد موعد الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة العتيدة يمدّد فترة تصريف الأعمال للحكومة المستقيلة ويعطّل الى درجة ما دور مجلس النّواب.

وإزاء التجاوزات الحاصلة في ملف تسمية رئيس الحكومة العتيدة والأخطار المُحدقة بالوطن، نهيب بكم، دولة الرئيس، أن تضعوا حداً للممارسات المنافية لأحكام الدستور والدّفع فوراً بإجراء الاستشارات النيابيّة المُلزمة بموجب الدستور، مع الدعاء الى المولى أن يوفّقكم الى ما هو خيرٌ للوطن وأبنائه.