بيروت - لبنان

اخر الأخبار

30 تشرين الأول 2019 06:00ص صدمة ولكن؟

حجم الخط
وفي اليوم الثالث عشر من انطلاقة ثورة الجياع على الفساد والمفسدين، نجحت في تسديد أوّل أهدافها بإعلان الرئيس سعد الحريري استقالته، وبذلك تكون أسقطت أولى اللاءات التي رفعت في وجهها واستخدمت فيها كل وسائل الترهيب.

ففي الرابعة من بعد ظهر أمس، وبعد يوم عاصف، إنقض فيه أزلام اللاءات على المتظاهرين في العاصمة بيروت، وأوسعوهم، وهم المسالمون ضرباً وتنكيلاً واهانات وتهديداً ووعيداً، أطل رئيس الحكومة على اللبنانيين في الرابعة بعد الظهر وأعلن أمامهم استقالة حكومته بعدما طفح الكيل، وسدت امامه كل السبل الآيلة إلى الاستجابة لمطالب اللبنانيين المسالمين، وبعدما وصل الحال إلى المنزلق الخطير.

وكان الرئيس الحريري قبل الاستقالة المدوية أجرى اتصالات مكثفة مع كل القوى السياسية، ولا سيما مع رؤساء الأحزاب والقوى التي أعلنت الحرب على ثورة الجياع، مستخدمة كل أساليب الترهيب، لحملها على ان تعدل في مواقفها، وتستجيب لمطالب الشعب المحقة والبديهية في آن معاً، وكان أبرز هذه الاتصالات مع الثنائي الشيعي ممثلاً بالرئيس نبيه برّي الذي أوفد إلى بيت الوسط وزير المال علي حسن خليل، فقوبل بالرفض، والاصرار من قِبل الثنائي على المضي قدماً على تجاهل الإرادة الشعبية الجامعة ولو أدى ذلك إلى خراب البصرة كما يقول المثل العربي المعروف فكان قراره النهائي رمي استقالته في وجه الجميع، وهذا ما حصل تماماً، فجاء ردّ الثنائي بإنزال محازبيهم وأنصارهم ومؤيديهم ينكلون بالناس. وثمة معلومات أخرى تقول بأن قرار الحريري بالاستقالة، جاء رداً على القرار الذي اتخذه الثنائي - الشيعي بالتصدي للمتظاهرين واستخدام كل وسائل العنف. وعلى أية حال، وبصرف النظر عما قيل وما سيقال فإن استقالة الحريري، شكلت صدمة إيجابية، عبر عنها الشعب اللبناني الصامد في الساحات، بأشكال مختلفة، يُمكن في حال تلقفتهاالسلطة بإيجابية أن تؤدي إلى إنقاذ ما بقى من هذا الوطن، وهذا من شأنه ان يطرح السؤال الكبير وهو ماذا بعد الاستقالة، هل يستجيب العهد ومن يسانده، ويبادروا الى التجاوب مع الشعب الجائع، بالموافقة على تشكيل حكومة التكنوقراط التي تشكل أحد مطالبه أم يتمسكون بعنادهم ومعاداتهم له ويذهبون إلى مكان آخر، كما يتردد في بعض الكواليس السياسية بعيداً عن الإعلام مستفيدين من فائض القوة بحوزتهم لتحقيقهم مشروعاً قديماً عبر فرض مؤتمر تأسيسي كأمر واقع على الجميع، من الصعب الإجابة على هذا السؤال قبل معرفة ما إذا كان رئيس الجمهورية سيقبل الاستقالة أم سيرفضها كما تتوقع مصادر سياسية محايدة، وإن بات واضحاً بالنسبة إلى الرئيس الحريري بأن لا عودة عنها، ولا مساومة على أي من أهداف الشعب الذي سيستمر في الشارع، ولن يعود إلى البيت قبل تحقيقها ومنها استقالة كل الطبقة السياسية من رئيس جمهورية إلى رئيس مجلس نواب واجراء انتخابات نيابية مبكرة على أساس قانون انتخابي غير طائفي، واعتبار أن الاتفاق على حكومة اخصائيين ليس سوى المدخل الرئيسي لتحقيق كل الأهداف الأخرى لهذا الشعب.

إنها المرة الأولى التي يتوحّد فيها الشعب اللبناني بفضل فساد السلطة وصلفها وجورها تحت علم واحد ووراء هدف واحد هو كرامته ووحدته الوطنية.