بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 كانون الأول 2020 12:01ص «غيض من فيض»

حجم الخط
كنا لا نرغب في استحضار الماضي الأسود، بدءاً من العام ٨٢ وتهنئته قائد قوات العدو الصهيوني على دخوله العاصمة بيروت «التي خرج منها مذلولاً رافعاً الأعلام البيضاء» مروراً بحرب الجبل التي انتهت بتهجير المسيحيين، وقصف الضاحية الجنوبية وحرب التحرير والإلغاء التي دمّرت الضاحية الجنوبية وغرب العاصمة وشرقها وأدّت إلى تحريرها من أهلها... ليس إلا...

إن ما يحدث في هذا العهد، لم يشهد له لبنان مثيلاً منذ تاريخ استقلاله... وها هو يدمّر لبنان للمرة الثانية على كافة الصعد... أين الأمانة والمسؤولية الوطنية والقسم الدستوري؟؟... حيث أصبحت المخالفات الدستورية هي السمة الأبرز لهذا العهد، وكل همّه وأولياته الخلافة الرئاسية لولي العهد، الذي يعطّل تشكيل الحكومة «متوهماً» أنه بذلك يستطيع الضغط على الرئيس ماكرون وابتزازه كي يسعى لدى الأميركيين لرفع العقوبات وتهم الفساد عنه، مقابل تسهيل وإنجاح مبادرته في لبنان، جاهلاً، أن الرئيس ماكرون يتسلّح هذه المرة بضوء أخضر أميركي ودعم أوروبي... وفي حال فشله سيعمل على تعطيل تشكيل الحكومة، والإنتخابات النيابية المقبلة، كي لا يأتي مجلس نيابي جديد قد يشهد مُغيّرات في أحجام تمثيل القوى السياسية قد تجيء برئيس غير مُرضىً عنه، كما سيعطل الإنتخابات الرئاسية ويُدخل البلاد في الفراغ، كي تستمر حكومة تصريف الأعمال والهيمنة عليها ومصادرة قرارها «كواجهة» للمجلس الأعلى للدفاع...

لقد كرّس إتفاق الطائف والدستور اللبناني الأسس والقواعد التي تنظم عمل السلطات السياسية وحدّد صلاحيات كل منها وقواعد التعاون في ما بينها... فالتمادي في خرقها وفرض وقائع جديدة إستجابة لمزاجية شخصية ومصالح فئوية خاصة، يهدّد صيغة العيش الواحد ويوجّه طعنات مُدمّرة للمبدأ الذي تقوم عليه دولة الدستور والمؤسسات...

كما أن المسّ بمقام رئاسة مجلس الوزراء يطول جميع اللبنانيين لا طائفة فحسب... وما جرى من إدعاء مُغرِض على رئيس الحكومة هو مؤشر خطير يرمي إلى غايات ونوايا سياسية معروفة الأهداف للنيل من الرئاسة الثالثة... حذار من اللعب بالنار...

طالما هذا العهد يتغزّل بالشفافية والنظافة... إرفعوا أيديكم عن السلطات القضائية، فهي السبيل الوحيد لتحقيق العدالة، ومحور حفظ الكرامات وتحقيق الدولة العادلة المنصفة... واطلقوا يدها لفتح الملفات، دون كيدية وإستنسابية منكم لإستهداف من لا يقدّمون الطاعة لكم ولتكن المحاسبة لكل مرتكب ولتفتح كل الملفات... أبرزها...

ملف أموال الجباية العائدة للدولة والأموال المحوّلة إلى مصرف في باريس من حساب وزارة الدفاع الوطني عام ١٩٩٠ عندما كنتم في قصر «شعب لبنان العظيم»...

ملف ناهبي المال العام والخاص وأصحاب الصفقات المشبوهة والسمسرات وتهريبهم الأموال إلى الخارج...

ملف وزارة الطاقة ومؤسسة الكهرباء التي كلّفت خزينة الدولة أكثر من ٥٥ مليار دولار أميركي خسائر...

ملف المافيات على اختلافها وأنواعها وأشكالها، ومن يغطّيها ويحميها ويرتزق منها...

ملف من أعلن سابقاً وأعلنت دوائره في القصر الجمهوري لاحقاً، أنه كان يعلم قبل ١٥ يوماً من إنفجار المرفأ عن وجود نيترات الأمونيوم وخطورتها في المرفأ من خلال كتاب وجّهته إليه المديرية العامة لأمن الدولة، ولم يحرّك ساكناً ولم يتخذ أي إجراء جديّ سوى إحالته إلى المجلس الأعلى للدفاع الذي أحاله بدوره إلى الوزراء المعنيين قبل يوم واحد من الإنفجار، حتى أنه لم يعرضه في إجتماع المجلس الأعلى للدفاع الذي عُقد برئاسته قبل هذا الإنفجار... مع أن الواجب كان يحتم عليه عند تبلّغه هذا الكتاب، عقدإجتماع فوري لجميع المسؤولين المعنيين لإجراء ما يلزم، لتجنّب هذه الكارثة، وإبلاغه النتائج بأسرع وقت ممكن...

أنت أول من يجب مساءلته يا فخامة الرئيس...

نأمل من جميع المراجع الدينية والقوى والفعاليات السياسية والنقابية، الحريصة على ما تبقّى من هذا الوطن الجريح، التحلّي بالحكمة والمسؤولية الوطنية وعدم الوقوع في المحظور والإنجرار إلى السجالات المتبادلة، التي لن يستفيد منها سوى المرتهنين والمرهونين المفلسين المقامرين والمهوسين بالسلطة والتسلّط، وأيضاً أعداء الوطن وفي مقدّمهم الكيان الصهيوني الذي بدأت أثاره تظهر براً وبحراً وجواً...