بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 أيار 2018 12:00ص فخ انتخابي: لجان القيد تخطئ في احتساب «الورقة البيضاء»

حجم الخط
إنّ المادة 103 من قانون الإنتخاب رقم 44/2017 تنص على أنّ «الورقة البيضاء» تُعدّ أوراقاً ذات قيمة انتخابية تعبّر عن رأي صاحبها، وهي غير الأوراق الملغاة بسبب أخطاء في عملية الاقتراع، ولذلك فهي تُحتسب ضمن الأصوات المشاركة في العملية الانتخابيّة، أي ضمن المجموع العام للمقترعين.
على الأكثر، يؤخذ بعدد الأوراق البيضاء في المرحلة الأولى عند احتساب العتبة الانتخابية التي هي في القانون الحالي موازية للحاصل الانتخابي، فعندما تُحسب العتبة الانتخابية، تُزال الأوراق الملغاة وتجري المحافظة على الأوراق البيضاء في المرحلة الأولى، وذلك يعني احتساب الورقة البيضاء في الحاصل الانتخابي الاوّل الذي يسبق إقصاء اللوائح التي لم تنل الحاصل.
لكن عند الانتقال إلى المرحلة الثانية التي تقوم على إقصاء اللوائح التي لم تحقق الحاصل، يجب أن تُقصى الأوراق البيضاء مثلها مثل اللوائح التي لم تحقق الحاصل. وذلك يعني أنّ الأوراق البيضاء لا يجب أن تُحسب ضمن الحاصل الانتخابي الثاني (أي بعد إخراج اللوائح التي لم تحقق الحاصل الأول)، وذلك لأنّه ليس من المفترض أن توزّع مقاعد على الأوراق البيضاء حتّى لا تبقى مقاعد شاغرة في البرلمان.
وما يعزز هذا التفسير هي الفقرة 3 من المادة 99 من قانون الانتخابات التي أخرجت الاصوات الصحيحة للوائح غير المؤهلة - التي لم تُحقق الحاصل الانتخابي الأول - من عملية احتساب عدد المقاعد في المرحلة الثانية، فكيف تُحذف من المرحلة الثانية أصوات ناخبين اقترعوا للوائح مشاركة في العملية الانتخابية في المرحلة الاولى، وفي ذات الوقت، تدخل أصوات المقترعين بالورقة البيضاء في احتساب توزيع المقاعد ضمن المرحلة الثانية؟ 
إضافةً الى ذلك، يمكن الاستئناس بالقانون الاساسي الانتخابي التونسي تاريخ 26 أيار 2014، والذي عرّف «الورقة البيضاء» في الفصل الثالث منه (المصطلحات)، كما يلي:
«ورقة بيضاء: هي كل ورقة تصويت لا تتضمّن أي علامة مهما كان نوعها. تحتسب الورقة البيضاء ضمن الأصوات المصرّح بها، ولا تحتسب ضمن الحاصل الانتخابي»، وهنا «الحاصل الانتخابي» يعني الحاصل المستخدم في توزيع المقاعد.
وبناءً عليه، فإنّ الأوراق البيضاء شأنها شأن الأوراق الصحيحة المقترعة للوائح غير المؤهّلة، فلا تدخل في الاحتساب عند توزيع المقاعد على اللوائح المؤهلة، وإلاّ أدّى ذلك الى أخطاء فادحة ومحاذير غير مقبولة.
وهذا ما حصل فعلياً في الانتخابات المنصرمة حيث كشفت آلية احتساب النتائج وتوزيع المقاعد النيابية خطأ جسيماً يدلّ على عدم فهم القيّمين على العملية الانتخابية للصيغة الصحيحة المتعلّقة بكيفية احتساب الأوراق البيضاء. ففي المرحلة الأولى، أُزيلت الأوراق الملغاة وتمّت المحافظة على الأوراق البيضاء في احتساب الحاصل الانتخابي الأول، وهو امرٌ صحيح.
ولكن الخطأ وقع عندما أبقت لجان القيد على ما أسمته «العدد المعوّل عليه مع الأوراق البيضاء» في المرحلة الثانية، وبالتالي أبقت على الأوراق البيضاء في احتساب الحاصل الثاني الذي يحتسب توزيع المقاعد على أساسه. فماذا لو كان هناك أوراق بيضاء تعادل حاصلاً انتخابياً؟ 
ما حصل قد أثّر سلباً على نتائج الانتخابات وضعضع ثقة المواطنين بالسلطة الحاكمة، بل أكثر من ذلك، قد أكّد للجميع أن واضعي القانون «الهجين» لا يعرفون ما صنعوا ولم يفهموا مفاعيله وآلياته!