بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 شباط 2018 12:00ص كسر جليد

حجم الخط
إذا كانت التهديدات الإسرائيلية العنوان الرئيسي للاجتماع الذي سيعقده اليوم الرؤساء الثلاثة في بعبدا، بعد شبه قطيعة بين الرئاستين الأولى والثانية، كادت تُهدّد السلم الأهلي، وتعيد اللبنانيين إلى أجواء الحرب الأهلية، فإن القضايا الخلافية بين الرئاستين لن تغيب عن هذا اللقاء، بعدما وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه في الأسبوعين الماضيين، بل ستكون الحاضر الأكبر بدءاً من مرسوم الأقدمية وخلفياته السياسية وانتهاء باتفاق الطائف وتوزيع الصلاحيات بين الرئاسات الثلاث، وما ترك ذلك من جروح عميقة في العلاقة بين الرئاستين الأولى والثانية.
الرئيس برّي، كما نقل عنه زواره يعوّل على هذا اللقاء في أن يؤسّس لترسيخ الاستقرار الذي حصل بعد مبادرة الرئيس عون، ويأمل في أن يفتح أفق التعاون أكثر في سبيل مصلحة البلد، وسلمه الأهلي. هذا الكلام يعني ان رئيس المجلس يستشعر المدى الذي بلغته الهوّة بينه وبين رئيس الجمهورية والمخاطر التي ستنجم عنها على الاستقرار والسلم الأهلي، وهذا أمر مهم، لكن الأهم منه هو هل أن رئيس المجلس سيتراجع عن مواقفه السابقة التي أدت إلى هذه الأزمة بين الرئاستين وتطورت بشكل بات يُهدّد السلم الأهلي ويقضي على الاستقرار الذي يدعي الجميع انهم يتمسكون به ويوظفون كل جهودهم لحمايته ومنعه من السقوط.
ما سربه زوّار عين التينة يستبعدون فيه أن يكون الرئيس برّي، تراجع عن مواقفه السابقة الرافضة لطريقة إدارة الرئيس عون لدفة الحكم والتي تجاوز فيها، حسب الرئيس برّي، كل ما نص عليه إتفاق الطائف، لجهة توزيع الصلاحيات بين الرئاسات الثلاث وما اعتاد عليه رئيس المجلس في عهد الوصاية السورية مما سمي آنذاك، خروجاً على الطائف، حكم الترويكا، وتصرف على أساس ما قبل الطائف، ومرسوم الاقدمية هو إحدى تجليات هذا التصرّف الذي وصفه الرئيس برّي بأنه تصرف لا ميثاقي ولا دستوري، أي انه خروج على اتفاق الطائف.
بيد أن الرئيس عون، كما ينقل عنه زواره وان كان بادر إلى إطفاء فتيل الفتنة باتصاله بالرئيس برّي، يرى عكس ما يراه رئيس المجلس بالنسبة إلى ممارسة السلطة واتفاق الطائف ويعتبر انه ملتزم بهذا الإتفاق نصاً وروحاً وان قراراته وممارساته نابعة من الصلاحيات التي يكفلها هذا الإتفاق وانه لم يخرج يوماً عنها، ويرى أيضاً ان التوافقية السياسية التي ارساها هذا الإتفاق تعني فصل السلطات الثلاث وتعاونها وتوازنها ولا تعني في أي حال من الأحوال أن لأي فريق حق الفيتو وتعطيل البلاد والقرارات إذا لم تلتق مع أهوائه ومشاريعه، وهو يؤشر بذلك الى تصرف رئيس المجلس حيال مرسوم الأقدمية واتخاذه شماعة للانقلاب على الطائف وتكريس المثالثة في الحكم أو احياء الترويكا التي كانت قائمة خلال الوصاية السورية. علماً بأن الشراكة التي قصدها الطائف هي المشاركة الإسلامية - المسيحية وليست المذهبية.
ان اتساع هوّة الخلاف بين الرئاستين الأولى والثانية، لن يردمها اللقاء الثلاثي المقرّر اليوم، لكنه بكل الظروف كان أمراً لا بدّ منه لتجنيب البلاد مخاطر الانزلاق مجدداً في الفتنة الطائفية، والعودة إلى منطق حصر الخلافات داخل المؤسسات الدستورية.