بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 تشرين الثاني 2023 12:01ص كيف تغلّبت غزة على الضفة.. وحماس على فتح؟

حجم الخط
يقول ماكيافيلي في كتابه «الأمير» يجب عدم إساءة معاملة شخص ما، إلّا عندما ننزع منه كلياً القدرة على الثأر! وما ينتظر دولة إسرائيل في المستقبل هو أطفال غزة الباقون على قيد الحياة عندما يكبرون!
على الرغم من حصار غزة فقد نجحت غزة بتحقيق انتصار هائل على إسرائيل في 7 أكتوبر. وبهذا الانتصار حققت في الوقت نفسه انتصاراً تاريخياً على الضفة الغربية وعلى السلطة الفلسطينية! وحققت حماس انتصاراً على فتح. وعلى الرغم من ذلك، فإن نهاية المعركة قد تكون نهاية «إسبرطة» واستمرار «أثينا»! أي أنه من المرجح، في أسوأ الأحوال الميدانية أن يعيد المجتمع الدولي منطقة غزة الى حكم مباشر للضفة وللسلطة الفلسطينية وإخضاع حماس لفتح!
ولكن ما الذي جعل غزة تتفوّق في تحقيق انتصار 7 أكتوبر على الضفة؟
1- إن غزة لم تكن محتلة، بعكس الضفة الغربية. وبالتالي فإن غزة امتلكت استقلالاً كبيراً في الحركة.
2- وجود حوالى 250 مستوطنة وتجمع عشوائي إسرائيلي في داخل الضفة مع حوالى 700.000 مستوطن، وعدم وجودها في غزة، بل في المنطقة المحيطة بها.
3- غزة المحاصرة، غير محاصرة بالكامل! وذلك، مع وجودها على البحر، بالإضافة الى معبر رفح وأنفاق مرجح وجودها بين غزة ومصر!
4- تلقّي حماس تمويل «مستقل» من إيران ومن دول أخرى (مع تسهيل من الحكومة الإسرائيلية لتعميق الانقسام مع السلطة)! في حين أن فتح تتحرك في إطار السلطة الفلسطينية.
5- تلقّي عناصر حماس تدريبات في إيران ولبنان وغيرهما... في حين أن الحركة العسكرية لفتح ولفلسطينيي الضفة أصبحت محدودة منذ زمن بعيد.
6- «ترويض» الضفة بعد الانتفاضات...
7- اختراق المخابرات الإسرائيلية للسلطة الفلسطينية وفشلها في اختراق حماس.
8- قدرة حماس على إنشاء 6 مخيمات تدريب عسكرية «مكشوفة» داخل غزة!!! وهو أمر غير متوفر في الضفة!
9- قدرة حماس على خلق عنصر مفاجأة يصعب على فلسطينيي الضفة.
10- ترك الإسرائيلي مساحة زمنية لإنشاء حماس أنفاق في غزة. مما جعل مواجهة الأنفاق صعبة. وهو أمر غير متوفر في الضفة.
11- حماس امتلكت الوقت الكافي لتحضير عمليتها. وعنصر الوقت «المريح» غير متوافر في الضفة!
12- نجحت حماس وغزة في وضع حل الدولتين على نار حامية وجدّية في 7 أكتوبر وما بعده، في ظل تراجع قدرة الضفة على فرضه في السنوات الأخيرة!
ولكن قد تتفوّق الضفة على غزة في عدة نقاط أبرزها:
1- لن تتدمر الضفة بالكامل! فالدمار الكامل قد يلغي أسس وجود سلطة حماس!
2- إن الجيش الإسرائيلي لن يتحرك في الضفة عسكرياً بالكامل، في حين أن المرجح أن الخطة الإسرائيلية تفترض احتلال قطاع غزة بالكامل!
3- إن السلطة السياسية في الضفة ستبقى فلسطينية «فتحاوية». في حين أن المرجح أن السلطة السياسية في غزة لن تبقى «حمساوية»! بل ستتحوّل بدورها على الأرجح الى «فتحاوية» أيضاً!
4- إن القوانين الفلسطينية ستبقى مفروضة الى حد كبير على الأراضي الفلسطينية.
5- دخول غزة في «أنفاق» الترانسفير والتهجير القسري (بما في ذلك الى الضفة)، أو حتى بضمّها الى الأراضي الإسرائيلية بالحد الأقصى. وهي أمور غير ممكنة الحدوث في الضفة!
إن النجاح المذهل لعملية 7 أكتوبر ستشكّل بنتائجها المباشرة فرصة باتجاهين: إما حل الدولتين وإما مقدمة لانتفاضة للضفة بأهداف مشابهة للسابع من أكتوبر... يوماً ما!

* صحافي ومحلل سياسي