بيروت - لبنان

اخر الأخبار

1 حزيران 2018 12:28ص مَن المسؤول؟

حجم الخط
اللبنانيون يتفهمون ان تلجأ الكتل النيابية الطامحة إلى الدخول في جنّة الحكم إلى رفع سقوفها، ومحاولة تكبير حجمها للحصول على حصة أكبر أو حصة وازنة في الحكومة العتيدة، لكنهم لا يفهمون ان يلجأ الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية كل من موقعه إلى رفع سقف شروطهما كما هو واقع الحال الذي يعيشه اللبنانيون مع دخول البلاد في عملية تأليف الحكومة بحيث يطالب بل يشترط رئيس الجمهورية للموافقة على تشكيل الحكومة بحصة وازنة فيها، كذلك الأمر بالنسبة إلى الرئيس المكلف الذي يطالب بحصة في الحكومة التي كلف بتشكيلها وذلك تمشياً مع ما يطالب به رئيس الجمهورية.
وللحقيقة المجردة، فإن كلا منهما يُدرك انه في وضعه مثل هذا الشرط لا يخالف الدستور والنظام الديمقراطي المعتمد في لبنان منذ اتفاق الطائف، وإنما ينتهك هذا النظام وينقلب عليه نتيجة هوسه في السلطة، ذلك لأن النظام المعمول به لا ينص في أي حال من الأحوال على ان يكون لرئيس الجمهورية الذي هو رئيس البلاد وأب لكل اللبنانيين حصة ما في الحكومة، كذلك لا ينص على ان تكون لرئيس الحكومة أية حصة في الحكومة، لأن الحكومة التي يشكلها تعتبر كلها حكومته، باعتبار ان كل الوزراء هم أعضاء فيها وليس كل وزير، كما يقول المثل اللبناني الدارج «فاتح على حسابو».
قلنا في مقال سابق ان ما يطالب به رئيس الجمهورية هو بدعة لا علاقة لها بالدستور ولا بالنظام الديمقراطي المعتمد، ونؤكد مجددا بعدما طالب الرئيس المكلف بأن تكون له هو ايضا حصة في الحكومة انها بدعة، وأكثر من بدعة، لأنها تتعارض كليا وجزئياً مع كل الأنظمة الديمقراطية من جهة، ولأنها من جهة ثانية تشكّل انقلاباً على الدستور وعلى اتفاق الطائف، لا سيما وان لرئيس الجمهورية الذي يجب ان يكون منزهاً عن المصالح الشخصية كتلة نيابية ستتمثل في الحكومة بحسب حجمها التمثيلي في المجلس النيابي، كذلك الأمر بالنسبة إلى رئيس الحكومة المكلف الذي هو في ذات الوقت رئيساً لكتلة نيابية، من الطبيعي ان تمثّل بحسب حجمها التمثيلي في الحكومة العتيدة.. فإذا كان الرئيسان لا يعرفان هذه الحقائق الدستورية والقانونية فتلك مصيبة، اما إذا كانا يعرفانها وهما كذلك فالمصيبة أعظم ولنقل انها خطيرة، تدل على انهما كلاهما يضعان العراقيل في وجه تشكيل الحكومة خلافا لما يدعيانه، ومما لا شك فيه انهما يدركان تداعيات ومخاطر الاقدام على مثل هذا الأمر في كل الظروف الدقيقة الراهنة، وماذا يعني بقاء البلاد من دون حكومة أي في حالة فراغ للسلطة الاجرائية، فلماذا اذاً يصران على تصعيد الأمور ودفع البلاد نحو أزمة حكم لا يستبعد أحد أن تتحوّل إلى احتراب داخلي مفتوح على كل الاحتمالات، أم ان المقصود هو فقط رفع السقف في وجه مطالب وشروط الكتل النيابية من أجل حملها على تقديم التنازلات لكي يمر تشكيل الحكومة بسلاسة ومن دون أي عائق، لأن البلاد في أمس الحاجة إلى قيام حكومة وفاق وطني تتمثل فيها كل القوى والأطراف السياسية لمواجهة التحديات الداخلية، من اقتصادية واجتماعية، وتحصين الداخل في وجه التحديات الخارجية التي تدق الأبواب.
اللبنانيون يأملون ان يكون الاحتمال الثاني هو هدف المولجين بتشكيل الحكومة، وليس أي هدف آخر.