بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 حزيران 2020 12:02ص مَن منع الحكومة من تنفيذ الإصلاحات وهل بعرقلة التشكيلات القضائية تُستعاد الثقة؟

اتساع رقعة المقاطعة لحوار بعبدا يعكس عمق الهوَّة مع العهد

حجم الخط
تعكس المقاطعة الواسعة لحوار بعبدا، بعد انضمام رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، إلى رؤساء الحكومات السابقين في رفض المشاركة، عمق الهوَّة بين العهد والقوى السياسية، الحليفة قبل المعارضة، بعد الخيبات التي أصيب بها اللبنانيون جراء الممارسات الخاطئة في معالجة الكثير من الملفات التي كان يفترض إيجاد الحلول الناجعة لها، وهو ما لم يبادر أهل الحكم إلى القيام به خلال السنوات الماضية. وبالتالي فإنه من غير المستبعد أن تلجأ رئاسة الجمهورية إلى إلغاء دعوتها للحوار، إذا وجدت أن فرص نجاحه تبدو ضئيلة، خاصة افتقاده الميثاقية بعد تغيب المكون السني عنه، إضافة إلى إعلان أطراف أخرى عدم استعدادها لتلبية الدعوة الرئاسية.

فبعد ما يقارب من أربعة أشهر على تشكيلها، لم تنجح حكومة الرئيس حسان دياب في تحقيق ما كان يؤمل منها من خطوات إنقاذية تساعد على إخراج لبنان من مأزقه الذي يتخبط فيه، وسط دوران في حلقة مفرغة على صعيد المعالجات المطلوبة، وتحديداً على الصعيد الإصلاحي، حيث بدت الحكومة عاجزة عن القيام بما وعدت به من إجراءات وخطوات، تستعيد من خلالها ثقة المجتمعين العربي والدولي، في ضوء ما وعد لبنان به الدول المانحة في مؤتمر «سيدر»، والذي لم يتحقق لغاية الآن شيء من هذه الوعود، في وقت لم تحرز المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي، أي تقدم يذكر بعد بروز تفاوت واضح في الأرقام المالية التي قدمت لوفد الصندوق، وهذا ما أثار الكثير من التساؤلات حول حقيقة هذه الأرقام، ومدى جدية الموقف اللبناني الرسمي، على وقع تنامي الانتقادات لموقف لبنان من هذا الملف.

والسؤال الذي يطرح من جانب الكثير من المراقبين، يتركز بشكل أساسي على أسباب هذا العجز الحكومي الفاضح عن القيام بالإصلاحات الضرورية التي طالبت بها الدول المانحة، طالما أن هناك فريقاً واحداً يحكم قبضته على الدفة الحكومية، وليس هناك من معارضة داخل هذه الحكومة قادرة على التأثير في مجريات العمل الحكومي. وما الذي منع القيِّمين على هذه الحكومة من إنجاز ولو جزء بسيط من هذه الإصلاحات التي وعدت بها، في حين يبدو بوضوح كيف أن ملفات الفضائح والفساد، تكبر في ظل هذه الحكومة ككرة الثلج، دون أن يكون هناك قرار حاسم وحازم بالتصدي لهؤلاء الفاسدين المعروفين، للتخفيف من حجم المعاناة التي يرزح تحتها السواد الأعظم من اللبنانيين الثائرين منذ السابع عشر من تشرين الأول الماضي، دون أن تقوى هذه الحكومة التي ما ظهر شيء من استقلاليتها، على فرض هيبتها وجدارتها في الحد من هذه المعاناة التي تنذر بالأسوأ إن استمر الوضع على ما هو عليه.

ففي ملف الكهرباء على سبيل المثال، وهو غيض من فيض، لم تجد كل المبررات التي ساقها فريق العهد و«التيار الوطني الحر»، طريقاً مقنعاً لدى الأوساط السياسية، لناحية الإصرار على إقامة معمل لإنتاج الكهرباء في سلعاتا البترونية، إلى جانب معملي الزهراني ودير عمار، بعدما أجمع الخبراء في شؤون هذا القطاع أن لا حاجة لمعمل ثالث للكهرباء في لبنان، باعتبار أن معملي الزهراني ودير عمار، قادران على تأمين حاجة لبنان من الطاقة، بعد تطويرهما وتحسين مستوى خدماتهما. وبالرغم من حملات الرفض الواسعة لإقامة معمل في سلعاتا، إلا أن التيار الوطني الحر بقي مصراً على موقفه، وكان لرئيسه جبران باسيل ما أراد في إرغام الحكومة ورئيسها، على إعادة تبني خطة الكهرباء التي تلحظ إنشاء معمل ثالث، في الوقت الذي فشل هذا الفريق السياسي الممسك بوزارة الطاقة منذ ما يزيد عن عشر سنوات، من تحقيق أي إنجاز على هذا الصعيد، الأمر الذي يطرح الكثير من التساؤلات المشروعة عن أسباب إصراره على تسلم هذه الوزارة، وعدم استعداده لأن تكون في حوزة غيره.

فعن أي إصلاح تتحدث وزيرة العدل ماري كلود نجم وفريقها السياسي القابض على السلطة؟ وما الذي يمنع الحكومة من السير بعملية الإصلاح التي وعدت اللبنانيين بها ولم يتم تنفيذ شيء منها؟ . وبالتالي هل يمكن تصديق أن هذا العهد ومعه حكومته، يعملان فعلاً من أجل وضع البلد على سكة الإصلاحات، فيما يرد رئيس الجمهورية ميشال عون التشكيلات القضائية التي أعدها مجلس القضاء الأعلى، وهو ما أثار استياء المجلس وانزعاج الجسم القضائي الذي رأى في هذه الخطوة عرقلة لعمله، في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، والتي تستدعي تفعيل عمل المؤسسات وتحصين دورها، حتى تقوم بواجباتها على أكمل وجه. وقد أثار تعثر إقرار التشكيلات القضائية الكثير من التساؤلات في الأوساط الدبلوماسية، بالنظر لأهميتها على صعيد تسيير مرفق العدالة في البلد، ولكون إقرارها يعزز من مصداقية الدولة اللبنانية في محاربة الفساد والفاسدين، وإعطاء صورة إيجابية عن قدرة الحكومة على إنجاز ما هو مطلوب منها على هذا الصعيد.