بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 شباط 2021 12:14ص ماكرون يمدّ مبادرته المحدّثة بالأمصال اللازمة لتفادي الضرر البنيوي الذي أجهض الأولى

مسعى الى إتفاقات صغرى سابقة للإتفاق النووي تتيح للبنان فرصة الحكومة العتيدة

حجم الخط
أخرجت قمة العلا قطر من جمودها، فتحركت ديبلوماسيتها في أكثر من إتجاه، مع توقع دور متقدم لها في مروحة من الملفات الإقليمية، بدءا وليس إنتهاء بالمسألة الإيرانية، وهي المسألة التي تشكل حجر الرحى راهنا في أي تسييل للأزمات على مستوى المنطقة. والدوحة في هذا السياق لها ما لها من دالة وقدرة على التواصل مع طرفي الخلاف، واشنطن وطهران، بحكم أن علاقتها مع كل من العاصمتين ظلّت في منأى عن الخلافات والإنقسامات التي شهدتها دول الخليج العربي.
حمل وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الى بيروت رسالة خاطفة، عبارة عن إستعداد لأداء أي دور تراه رئاسة الجمهورية مناسبا للإسهام في حل الإحتباس الحكومي. وكان رئيس الجمهورية ميشال واضحا بقوله ان لبنان لن يوفّر الجهد القطري عند الحاجة، فيما تبيّن أن لا صحة لكل ما قيل عن جسّ نبض قطري للموقف اللبناني من إستحقاق الجامعة العربية. فالرجل لم يأت على ذكر المسألة، في حين تحدثت جهات قريبة من حزب الله عن دور قطري في ترجيح كفة الأمين العام أحمد أبو الغيط لقطع الطريق على أي مرشح آخر، وخصوصا خليجي.
وكان للوزير القطري لقاءات عدة من خارج البرنامج الرسمي للزيارة، أبرزها مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. وتردد أنه إلتقى وفدا قياديا من حزب الله، وأنه عقد لقاءات شمالية مع عدد من فاعليات طرابلس، وهو الأمر الذي لم يتضّح بعد مدى صحته، والغاية منه في حال كان صحيحا حصوله. وليس خافيا أن ثمة كلاما عن دور تركي ما في طرابلس، تتقاطع قطر معه، وتسهم في تزكيته.
ويتبيّن من مجمل الحراك الدولي على مستوى المنطقة، أن الأولوية تبقى معقودة اللواء للمسألة الإيرانية، فيما قنوات الإتصال مشرعة بالإتكاء على دور مركزي أوروبي لافت. ولم تحجب المناوشات الإعلامية الأخيرة بين واشنطن وطهران حقيقة التقدّم الحاصل. ويتردد أن النسخة الجديدة من الإتفاق النووي باتت على قاب قوسين أو أدنى من قراءة أخيرة، بدفع على ما يبدو من المبعوث الأميركي الى إيران روبرت مالي الذي سبق أن وضع تصورا متكاملا حين كان يرأس مجموعة الأزمات الدولية. ومن المرجّح أن هذا التصور (وهو عبارة عن خطة متدحرجة، سماها الأميركيون سياسة الخطوة خطوة) يشكّل النواة الصلبة للإتفاق العتيد، وقد إطلع على هذا التصور الرئيس الأميركي جوزف بايدن. ورغم أن للبيروقراطية دورا في دينامية السياسي الأميركي، غير أنه من المتوقع أن يوقّع الإتفاق قبل موعد الإنتخابات الإيرانية، في مهلى أقصاها بداية الصيف.
لكن من غير الواضح بعد ما إذا ستكون للإتفاق ملاحق، وربما إتفاقات صغرى ممهدة، تطال عددا من النقاط الخلافية، من البرنامج الباليستي الى التوسّع الإيراني في الإقليم. ويتردد على هذا المستوى أن باريس التي تسهم بفاعلية في سياسة القنوات المفتوحة بين واشنطن وطهران، تعمل على أن يكون الحل اللبناني أحد تلك الإتفاقات الصغرى السابقة للإتفاق الكبير. وهو ما سيثيره الرئيس إيمانويل ماكرون في زيارتيه المرتقبتين الى كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، مستندا الى إشهاره حق دول الخليج المعنية، وخصوصا المملكة، في أن تكون شريكا في المفاوضات. لذا من غير المتوقع أن يكون للإنسداد اللبناني تسييل ما قبل زيارة ماكرون الحريص على أن يمدّ نسخته المحدّثة من المبادرة الفرنسية بالأمصال اللازمة القادرة على تحصينها، تعويضا عن الضرر البنيوي الذي لحق بالنسخة الأولى منها نتيجة النقص في فهم التعقيدات اللبنانية والإستهانة بها. فتبيّن له، متأخرا، أن تلك التعقيدات عبارة عن مروحة متعددة الرؤوس والمصالح والولاءات، تبدأ ولا تنتهي بالعناد وعدم القدرة على المبادرة والإرتهان لمصالح غير لبنانية، والإستماتة للحفاظ على مكتسبات داخلية، والأهم فشل سياسة الترهيب والتهويل بالعقوبات.
ولا يخفى أن باريس في نسختها المحدّثة تخلّت عن الإنفعال العاطفي الذي طبع أولى خطوات ماكرون اللبنانية، وصارت أكثر واقعية في مقاربة التعقديات اللبنانية، مبتعدة عن تحديد المهل الأقرب الى التهديد.