بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 آذار 2018 12:00ص مناقشات اليوم الأوّل للموازنة تُحرِج الحكومة أمام مؤتمر «سيدر»

المداخلات عرّت الموازنة من الإصلاحات المطلوبة للدعم الدولي المفترض

حجم الخط

البيان الختامي للمؤتمر التحضيري  في باريس اكتفى بتوجيه سلسلة نصائح  طويلة للحكومة بضرورة تنفيذ إصلاحات  في برنامج الاستثمار

في اليوم الأوّل لمناقشة الموازنة صوّب معظم النواب الذين شاركوا في المناقشة، وجلهم ينتمي إلى الفريق الحاكم، على افتقار الموازنة إلى الإصلاحات الجدية وعلى إهمال الحكومة المقصود للفساد ومكامنه وطرق معالجته، كذلك ركزت مداخلاتهم على رفض إغراق لبنان بمزيد من الديون التي بلغت في ظل غياب الرؤية والجدية حدود وضع الدولة على حافة الإفلاس.
ولاحظ المراقبون ان تركيز النواب في مناقشتهم للموازنة تجاوز المنتظر وبلغ حدود تعرية الموازنة من كل المقومات الإصلاحية المطلوبة منها عشية انعقاد مؤتمر «سيدر» في باريس والمخصص لمساعدة لبنان على تجاوز صعوباته المالية والاقتصادية للانتقال إلى مرحلة استعادة عافيته، بدءاً بتخفيض كلفة الدين وصولاً إلى خلق ارضية صالحة للاستثمار الأجنبي فيه.
ويقول المراقبون ان الانتقادات التي وجهها النواب إلى الحكومة وسياستها المالية تلتقي في كثير من جوانبها مع الملاحظات التي خلص إليها الاجتماع التحضيري لمؤتمر «سيدر» الذي يلتئم في باريس في السادس من الشهر المقبل والتي ركزت على ارتفاع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي نحو 150 بالمئة نتيجة الانخفاض الكبير في النفقات الرأسمالية إلى أقل من واحد في المئة من الناتج المحلي سنوياً، إلى العجز المالي الذي بلغ ارتفاعه نحو 10 بالمئة من الناتج المحلي.
ويلاحظ المراقبون ان البيان الختامي للاجتماع التحضيري لمؤتمر «سيدر» اكتفى بتوجيه سلسلة طويلة من النصائح إلى الحكومة اللبنانية لعل أهمها التزامها تنفيذ الإصلاحات التي تحدثت عنها خلال عرضها لبرنامج استثماراتها الرأسمالية المرتكز في شكل خاص على تطوير البنى التحتية وإعادة التأهيل وايضا تعزيز أولوية بعض القطاعات كالطاقة والمياه وإدارة النفايات وباعتماد قوانين ترتكز إلى الشراكة مع القطاع الخاص بما يسمح بمشاركة الخاص في مشاريع القطاع العام إضافة بالطبع إلى أهمية حسن سمعة الإدارة المالية لكسب ثقة المستثمرين الدوليين في القطاعين العام والخاص، حيث يتوجّب على الحكومة الالتزام بتحقيق هدف ضبط أوضاع المالية العامة بنسبة خمسة في المئة من الناتج المحلي خلال السنوات الخمس المقترحة لبرنامجها من خلال مزيج المداخيل بما فيها الضرائب وخفض الانفاق، لا سيما في قطاع الكهرباء الذي من شأنه ان يؤمن وفراً مهماً.
كما لاحظ المراقبون ان المجتمع الدولي نصح الحكومة اللبنانية بتطبيق المعايير المشار إليها قبل انعقاد مؤتمر «سيدر» لبناء الثقة مع المجتمع الدولي والمانحين والقطاع الخاص، الأمر الذي يتطلب تسريع تنفيذ المشاريع المقررة سابقاً بعد إصدار القوانين الخاصة بها وتصديقها في المجلس النيابي وتوزيع الموارد المالية والبشرية للمجلس الأعلى للخصخصة والشراكة. غير ان الحكومة اللبنانية التي التزمت امام المجتمع الدولي بتنفيذ كل هذه الإصلاحات، كما يظهر من ذلك، وفقا لمداخلات معظم النواب أمس، في الموازنة العمومية التي تعتبرها موازنة إصلاحية، بل كان العكس هو الصحيح على حدِّ ما جاء في مداخلة الرئيس فؤاد السنيورة الممثل برئيس كتلته النيابية في الحكومة رئيساً لها ومسؤولاً عن ادائها وسياساتها ولا حتى في مداخلة نائب كتلة «حزب الله» السيّد حسن فضل الله الذي فند بالأرقام المبالغ التي تقدر بعشرات المليارات التي تهدرها الحكومة الحالية بسياستها العرجاء، ولا حتى في مداخلات نواب آخرين هم ممثلون أيضاً في الحكومة، ما لا يترك أي مجال للشك بأن مجلس النواب الذي يودّع يتعمد تعرية الحكومة قبل انعقاد مؤتمر «سيدر» واثبات فشلها في تحقيق أي من الإصلاحات التي وعدت بها المجتمع الدولي والتي نصحها بها البيان التحضيري للمؤتمر، وهو ما يصب في خانة الكلام الخطير الذي نسبه البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من أن لبنان اصبح مفلساً أو انه على مشارف الإفلاس والذي اكده وزير المال علي حسن خليل خلال افتتاحه المؤتمر الوطني لمكافحة التجارة غير المشروعة من ان الواقع المالي المأزوم يفرض ضبط هذه التجارة غير المشروعة والفساد الإداري والمالي لكي يستقيم وضع الاقتصاد والمالية العامة، وان كان حاول ان يضفي على إقرار الموازنة بالشكل الذي احالته الحكومة إلى المجلس النيابي بعض الأجواء التفاؤلية بالمستقبل على اعتبار ان هذا الإقرار سيعيد من وجهة نظره الانتظام إلى المالية العامة ويشكل رسالة إيجابية لكل النّاس على مستوى الداخل والخارج بأن الحياة انتظمت على المستوى المالي الحكومي، غير انه أي الوزير خليل، أقر على حدّ التعبير الذي استخدمه، ان الاجراءات الإصلاحية التي تضمنتها الموازنة التي يناقشها مجلس النواب غير كافية، مع تحذيره الحكومة من انها في حال عدم مواكبة مؤتمر «سيدر» بالاصلاحات التي يطالب بها المشاركون في هذا المؤتمر، سيؤدي إلى زيادة الأعباء والديون من دون الخروج من المسار المظلم الذي يعيشه لبنان على مستوى المديونية العامة.
وما يخشاه المراقبون هو ان ينعكس جو مناقشات الموازنة العامة في مجلس النواب سلباً على مؤتمر باريس وعلى الوعود التي حصلت عليها الحكومة من المجتمع الدولي لمساعدته على إعادة برمجة أوضاعه المالية والاقتصادية بما يحول دون وقوع لبنان في الإفلاس.