بيروت - لبنان

اخر الأخبار

1 تشرين الأول 2020 07:28ص هل تتبدّل السياسة الخارجية الأميركية مع تبدّل الرؤساء؟

حجم الخط
يوماً بعد يوم يقترب استحقاق الانتخابات الرئاسية الأميركية وسيكون التنافس على أشدّه بين الرئيس الحالي دونالد ترامب وجوزيف بايدن في ظل سؤال يطرحه الجميع تقريباً ومفاده، هل ستتبدّل السياسة الخارجية الأميركية في حال هزيمة دونالد ترامب؟

بداية يقول أنصار ترامب بان رئيسهم ومرشحهم لولاية ثانية هو الأفضل لأميركا، لأن بايدن سيلجأ في حال دخوله البيت الأبيض إلى رفع قيمة الضرائب على الأميركيين.

تنقسم الأجوبة على هذا السؤال بين من يجزم بأن السياسة الاميركية الخارجية لم تتبدّل يوماً مع رحيل رئيس وقدوم آخر، وبين من يقول بان الوضع في حال فوز بايدن سيكون مختلفاً بعض الشيء وقد تتغيّر بعض مندرجات السياسة الخارجية الأميركية. 

فبالنسبة لسياسة أميركا حيال الجار الفنزويلي قالت صحيفة «الأندبندنت» الصادرة بالعربية بتاريخ 19 آب 2020 بان بايدن في حال نجاحه ، سيسعى إلى التخلص من حكم الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو كما كان يرغب ترامب، وبتاريخ 30 آذار 2018 فقد قال المحلل الروسي الأستاذ ميخائيل ريابوف لشبكة سبوتنيك الروسية بانه في حال فوز دونالد ترامب بولاية جديدة فهو سيبقى مصمماً على الزود عن الهيمنة الأميركية على العالم والتي بدأنا نرى ملامح فقدان استقرارها في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، مع واجب عدم التناسي بأن ترامب نفسه كان قد قال من خلال رسالته إلى الكونغرس الأميركي يوم 1 آذار 2017، بأن الولايات المتحدة الأميركية باتت على استعداد تام لقيادة العالم مرة أخرى وأنصارنا سيدركون مجدداً بأن أميركا أصبحت قادرة على قيادة الآخرين.

ومن جهة أخرى، قال وزير الخارجية الالماني هايكوماس بتاريخ 26 تموز 2020 في مقابلة مع صحيفتي «راينيشته بوست»  و«جنرال انتسايغر» الألمانيتين نشرت في عدديهما الصادرين يوم 27 أيلول 2020، ان من يراهن الآن في أوروبا على حدوث تغيير في البيت الأبيض تجاه السياسة الاميركية الخارجية فعليه أن يعتبر أن هذا مجرد وهم وأضغاث أحلام.

وفي ما يخص منطقة الشرق الاوسط، أذكر بأن موسوعة السياسة كانت قد نشرت دراسة جيواستراتيجية لهذه المنطقة تعتبر فيها أن سوريا ولبنان وفلسطين والأردن والعراق والخليج العربي ومصر وتركيا وإيران وأفغانستان وقبرص وليبيا ليست سوى بلدان تتمتع بمواقع استراتيجية وجيوسياسية هامة وحساسة نسبة لامتلائها بالمنافذ المائية والبرية، وتمتعها بمقدرات اقتصادية ونفطية هائلة، لهذا فإن السياسة الخارجية الأميركية لا تتبدل اطلاقاً حيال تلك البلدان لأنها بنظرها تُعتبر مساحة تنافس وصراع الدول على استثمار مواردها، ومن هنا يبقى الشرق الأوسط الأهم بالنسبة للسياسة الخارجية الأميركية.

لكن الجديد في حال تمكن بايدن من اعتلاء عرش البيت الأبيض، هو أنه قد يعمد إلى تعديل في سياسته تجاه الفلسطينيين إذ يقول بأن واشنطن باتت عاجزة عن حماية الاسرائيليين بشكل كامل بدون سلام، وأكد أن إسرائيل بحاجة إلى وقف تهديدات الضم ووقف النشاط الاستيطاني لأنها ستقطع أي أمل في حدوث سلام وكلام بايدن هذا فيه رفض لمندرج هام من مندرجات صفقة القرن.

أما سياسته حيال إيران فصحيح أنها سترتمي في أحضان بعض التسويات مع طهران بخصوص بعض المعضلات في المنطقة، لكن من ناحية أخرى فإن إدارة بايدن ستعمل على منع إيران من استكمال التسلح نووياً إذ تعتبرها دولة مزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط ولا يجب السماح لها بتطوير سلاحها النووي.

وبالنسبة لما يتعلق بسوريا والعراق فعلى عكس دونالد ترامب يقول بايدن لم أكن لأسحب القوات الأميركية من شمال سوريا ولن أسحب الجنود الإضافيين الموجودين في العراق، لأنه إذا هرب أفراد تنظيم داعش من السجون فلن يذهبوا في هذه الحالة إلى إلا بلدان القارة الاوروبية وبالتالي لن يؤثروا علينا. أما عن دور القوة الناعمة الاميركية وخصوصاً عملها في البلدان المناوئة سياسياً لواشنطن فهي ستستمر بعملها هذا حتى ان رسب ترامب أو انتصر، وبالمناسبة يعرف جوزيف ناي عالم السياسة الأميركي القوة الناعمة بالقدرة على تحقيق الأهداف عن طريق الجاذبية أو الاقناع عوضاً عن الارغام أو الاغراء بالأقوال.

لذا فإن موارد القوة الناعمة لأي بلد تبقى ثقافته وقيمه السياسية، فضلاً عن السياسة الخارجية التي تُعتبر العامود الفقري للقوة الناعمة، أهم أسلحتها استخدام الضغط الاقتصادي والديبلوماسي والنفسي، وأيضا هناك أساليب اغراء أخرى كالفنون على اختلافها مثل الادب والمسرح والسينما مع العلم أن السياسات الديمقراطية الليبرالية واقتصاديات السوق الحرة والقيم الأساسية مثل حقوق  الانسان وغيرها تعتبر هامة أيضاً بالنسبة للقوة الناعمة.

وأهم ما يصبّ في النهاية في خدمة القوة الناعمة الاميركية الأساسية هي السياسة الخارجية التي تتيح للمساعدات الاقتصادية المشروطة للدول الأجنبية التي لا توالي السياسة الأميركية والتي لها أهداف تحقق بها واشنطن مصالحها، ولها مقابل وليست مجاناً.

كما أن واشنطن ستسعى للحفاظ على تحكمها بمؤسسات التمويل العالمية وعلى رأسها ا لبنك الدولي وصندوق النقد الدولي لأن المؤسستين تشكلان نسبة مرتفعة من معالم السياسة الاقتصادية العالمية.