بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 حزيران 2021 12:02ص هل من رغبات سعودية لدور ما للعشائر؟ (2/2)

العشائر العربية في لبنان والمملكة العربية السعودية.. بموضوعية

حجم الخط
تساؤلات وتكهّنات حول رؤية مستقبلية لدور ومكانة العشائر في لبنان؟ 

هل ستأخذ العشائر حيّزاً جديداً من الساحة السنية تُسهِم فيه بتعزيز وحدة الصف والمصلحة العليا لهذه الطائفة، وذلك تحت عناوين ومضامين وثيقة الثوابت الإسلامية – الوطنية، التي أعلنتها دار الفتوى في العام 2011؟، وهل من تمنٍّ أو رغبة سعودية في ذلك؟!

حول هذه التساؤلات، ليس في حوزتنا معلومات أو معطيات دقيقة أو كاملة، إنّما ننطلق من  زوايا المراقبة الحيادية واعتماد غربال المنطق وأسلوب الموضوعية والتحليل العلمي والمسؤول، بالإضافة إلى مناخات وأجواء الناشطين والمعنيين لدى العشائر، وهي التي توحي بأنّه وربطاً بالتطوّرات والتحوّلات وتعامل وتفاعل هذه الشريحة اللبنانية معها، يرى المراقب أنّ هناك دوراً وحيز مسؤوليات ستتحمّلها العشائر على خريطة هذا الوطن، هذا من جهة  العشائر ذاتها، أما من جهة المملكة العربية السعودية، وهي التي نحتاج إلى صفحات هائلة لتناول علاقتها مع لبنان منذ  خمسينيات القرن الماضي، وصولا إلى المرحلة الحسّاسة والمصيرية الحالية التي يمر بها الإثنان على السواء (لبنان والسعودية)، مروراً بدور المملكة المحوري بكثير من المحطات السياسية والاقتصادية اللبنانية (مؤتمر الطائف)، يرى المراقبون أنّ صنّاع القرار في  السعودية، وكأنهم في وضع الانكفاء والترقّب الحذر لما يحصل على الساحة  اللبنانية، حيث يكتنف هذه السياسة السعودية  الكثير من الصمت والتروّي، وذلك لحسابات معقّدة محلياً وإقليمياً.

وتأسيساً على كل ذلك، نرى ومن خلال اللقاء بناشطين لديهم الدراية والمتابعة، ويعملون على مسرح العشائر، وباعتماد منطق الفهم السليم لمصلحة الدول، وبعدما وصل المشهد اللبناني الداخلي إلى درجة عالية من الانسداد والتعقيد، وما له من شظايا عديدة على العلاقات بين البلدين وحتى على حرارة وودية وخصوصية هذه العلاقة... وانعكاس كل ذلك على الأمن المعيشي والاقتصادي في ما يتعلّق بلبنان، وأيضاً في ما يتعلق  بالأمن  القومي الاستراتيجي  للمملكة (وجود ومصير الجالية اللبنانية في السعودية، تهريب المخدرات إليها، سياسة حزب الله تجاه الخليج،  تحديات وصعوبات تواجهها الطائفة السنية عموما والرئاسة الثالثة خصوصا في السنوات القليلة الأخيرة)، وانعكاس كل ذلك على المشهد العام والجيوسياسي للعلاقات بين البلدين).

وفي هذا الجانب هناك نقطتان هما  البوصلة في ما  يتعلق بالدور القادم  للعشائر، هما: 

} النقطة الأولى تتعلق بالمملكة السعودية.. التي لا شك «مشغولة» ومنهمكة كثيرا في ملفات اقليمية عديدة (اليمن، الوضع مع إيران، العراق، عملية السلام في الشرق الأوسط)، وانعكاس كل ذلك على أمنها الاستراتيجي ودورها الإقليمي، حيث بالتأكيد هي الآن في إعادة بناء استراتيجية شاملة وأحد جزئياتها هي العلاقة مع لبنان.. وهو البلد المأزوم سياسيا واقتصاديا ويمر في مأزق تاريخي، حيث تأمل المملكة انفراجات على هذا الصعيد، وساعتئذ ستعتمد خارطة طريق مع كل تشعباتها ومنها دور وحجم وفعالية كل مكونات وشرائح والأطراف في لبنان، ومنها بالطبع العشائر العربية، وهي التي كما ذكرنا في مطلع هذا المقال بأنّها تشكّل ثلث الطائفة السنية، إذن من منطلق كل هذا نتوقّع وباعتماد الحدس السياسي أنّ هناك دوراً نوعياً وجديداً للعشائر في لبنان في المستقبل المنظور على مستوى  إلمشاركة السياسية والوطنية في  البلد وذلك تحت سقف الدستور .

} أما النقطة الثانية فتتعلق  بالعشائر ذاتها، وفي هذا الجانب الأمر يتوقف على مدى  الجهوزية الاستراتيجية لما وصلت إليه هذه العشائر، حيث يرى أحد وجهاء العشائر أنّه «بقدر ما نتزوّد بمتطلبات ومستلزمات الدور الناجح وتمنعنا بقيادات مؤهلة ومثقفة وواعية  للعبة  الإقليمية في المنطقة وتداعياتها على الوضع الداخلي في لبنان، وبقدر ما نُحسِن إدارة واستثمار وتوسيع حجمنا السياسي والجغرافي والثقافي والديمغرافي، وفهمنا السليم  للتركيبة  اللبنانية، بقدر كل هذا يعطينا  فرصة أكبر ومصداقية  أكثر  في المشاركة  السياسية  على مستوى الوطن».

  هنا  نتلمّس من  خلال  تصريحات وآراء ناشطين من العشائر أنّه قد طرحت مؤخّراً  أفكاراً كثيرة في العديد من النقاشات داخل الديوانيات والمجالس والجلسات الضيّقة لهذه الديوانيات،  ومن هذه الأفكار أنْ  تُعطى فرصة ما للعشائر على مستوى مسؤوليات الطائفة السنية، في إطار عبارة «لنجرّب» هذه الشريحة في عملية القيادة والمسؤولية، خصوصاً في السنوات  القليلة الماضية، انما لا شك  هذه الأفكار  تحتاج لدراسة  معمقة.

ويتوقّع المراقبون وجود دور  جديد  للعشائر  في لبنان، خصوصاً أن العمل الحزبي فيه يمر بأزمة وجود ودور وصدقية، ناهيك عن أنّه من جانب آخر، وعلى مستوى العالم العربي قد   تلاشى  الفكر القومي ورافق ذلك أيضاً  مصاعب جمّة يعاني منها الإسلام السياسي، فهل فرصة العشيرة قادمة وتأخذ الدور؟ .

الإجابة في طيّات الأيام المقبلة، وهي أيضاً في ملعب الشخصيات والنخب الواعية والمخلصة والمثقّفة عند العشائر وأيضاً هي في ملعب النوايا الحقيقية وسلامة التفكير والمنهج السليم  والحضاري عند دوائر صنع القرار لدى المرجعيات السنية السياسية والروحية على السواء، وفي طليعتها طبعاً الشيخ سعد الحريري، وهو الذي حمل في مضامين وسطور خطابه الأخير مؤشّرات  ومبشّرات تشير إلى تطوّر منهجي سياسي جديد في التعامل مع الملفّات  الحسّاسة  والمصيرية.



* إعلامي ومتخصّص بقضايا العشائر العربية في لبنان