29 آب 2019 12:00ص «نفايات» الغناء

حجم الخط
نعم... إنهم «مغنّون» و«مغنّيات» وليسوا مطربين ومطربات... ولهذا، أصبحنا نشعر أننا نعيش في أسوأ زمن غنائي لأن «رموزه» اليوم، يمتلكون الكثير من مقوّمات جمال الشكل ومقاييس الجسد، ويفتقدون بالمقابل، لأدنى مقوِّمات الصوت الغنائي الواجب توفّره في حنجرة أي راغب - أو راغبة - بأن يحمل صفة مطرب؟!

نعم... يفتقدون المقدرة على ملامسة أذن المستمع بالكلمة المحترمة واللحن الجميل والأداء السليم؟!

قد يكون من بين هؤلاء قلّة تغرِّد خارج سرب «النشاز» من أبناء هذا الجيل من محترفي الإزعاج الغنائي من دون خجل، بأصواتهم السقيمة المريضة والعليلة، إلا ان هذه القلّة تائهة للأسف وسط هذا العدد الكبير المتهافت على «قوالب الثروة» المتواجدة خارج الحدود، ولذا نراهم - تحديداً المغنّيات - يُصدِّرن «الكليبات» إلى شاشات التلفزيون اللبنانية، وبالتأكيد يدفعن بالدولار لعرض هذه الكليبات لأطوال زمن ممكن، وكل أملهن أن ينجحن في «إصطياد» «ثري» من هنا، أو «متبنّي» من هناك، أو «معجب» من هنالك، يساعدهن على إرتقاء سلم الثروة والشهرة بالسرعة «القصوى»؟!

نحن لا نطالب بإستعادة زمن الغناء الجميل، مع ان مثل هذا «الحلم» حق من حقوقنا التي يكفلها «قانون الإستماع»..

ولا نتوقّع عودة عقارب الساعة إلى زمن أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب أو عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش وبقية مطربي ومطربات تلك المرحلة من تاريخ الغناء الصحيح والسليم والجميل، فنحن، ومنذ سنوات، قبلنا - مُجبرين - بالتنازل، ولكن ليس إلى هذا الحد من الإسفاف القاتل للمشاعر والأحاسيس، تحت حجج واهية، ربما أبرزها اننا نعيش في «عصر الصورة» وهو يتطلّب ما تعرضه شاشات التلفزيون من «كليبات» لكل من هبّ ودب واستمع (ت) لصوته في الحمام؟!

نعم... نعترف اننا نعيش زمن الأغنية المصوّرة (الكليب)... وصحيح ان من حق هذه «الأغاني» أن تقارب الصورة أكثر من مقاربتها للصوت الغنائي بكامل شروطه ومقاييسه..

لكن الصحيح أيضاً، وأولاً، أو المفترض أن يكون صحيحاً في حسابات المحطات التلفزيونية في لبنان، هو ضرورة البحث عن «معادلة» تُبعد الأذى عن عين وأذن المستمع - المشاهد، وإلا سيستمر وضع الغناء المصوّر في حال إنزلاق من سيئ إلى أسوأ..

إن الدولة تسعى اليوم لإيجاد حل لأزمة النفايات،  فهل باستطاعتها أن تجد الحل لأزمة «نفايات الغناء» في لبنان؟!


abed.salam1941@gmail.com