بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 تموز 2022 12:00ص توقيف المطران الحاج مواجهة مباشرة مع الفاتيكان

«الديمان» ندّد بشدّة مؤكداً أنّ الرسالة وصلت ولا حياد عن المواقف

حجم الخط
بات ملف المطران موسى الحاج (راعي أبرشية حيفا والأراضي المقدسة، والنائب البطريركي على القدس والأراضي الفلسطينية والمملكة الهاشمية، في الطائفة المارونية)، في عهدة النيابة العامة العسكرية، بعدما أُخضِعَ للتحقيق لـ12 ساعة متواصلة، إثر عودته من الاراضي الفلسطينية المحتلة عبر معبر الناقورة، التي دخلها بصفته راعي أبرشية القدس والنائب البطريركي عليها. 
مصادر قضائية رفيعة أكدت أنّ «مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي أصدر قراراً بترك المطران الحاج رهن التحقيق، لاستكمال التحقيق الذي يتطلب وقتا»، بعدما كان نفس الجهة التي أصدرت قرار توقيفه، كاشفة عن أنّه «تم ضبط مبلغ 460 ألف دولار مع المطران الحاج أثناء عودته من الاراضي الفلسطينية المحتلة، معظمها من فارّين جرت محاكمتهم غيابيا بالتعامل مع العدو الاسرائيلي، وقسم منها من عملاء للعدو، إضافة إلى ضبط مع المطران حمولة سيارة كبيرة من منتجات إسرائيلية عبارة عن أدوية ومواد غذائية، يعمل المحققون على فرزها، وهي الى جانب الاموال، كان ينقلها المطران الى عائلات العملاء في لبنان».
توازياً ذكرت أوساط سياسية أنّ «المطران الحاج شعر بإهانة كبيرة نتيجة إخضاعه لتفتيش دقيق، شمل كل الأغراض التي ينقلها معه، دون مراعاة مركزه الديني، كونه نائباً بطريركياً يمثل البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي»، مؤكدة أنّ «مسألة توقيف المطران موسى الحاج ليست إلا محاولة للضغط على البطريرك الراعي لتغيير مواقفه الثابتة من الوضع في لبنان والمتعلقة بالسيادة التامة وبتحرير قرار الشرعية وانتخاب رئيس للجمهورية يستطيع أن ينقذ لبنان من الإنهيار وانتقاده الدائم لسلاح حزب الله».
واستدركت الأوساط أنّ «قضية توقيف المطران ليست مجرّد إجراء عابر، ولا هو رسالة موجهة حصراً إلى بكركي وسيّدها الذي رفع سقف خطابه في ملف الاستحقاق الرئاسي الى مستوى عال، فالمسألة بعيدة جداً، وأبعد من هزّة بدن مسيحية لبنانية، تستوجب استنفاراً عمليا غاب عن واجهة المشهد القيادي السياسي المسيحي الذي اكتفى ببيانات الاستنكار على غرار تعاطيه مع اي حادث يقع في لبنان يوميا. فالقضية وجودية ومصيرية تبدأ من رسالة الى الفاتيكان ولا تنتهي بمحاولة المس بهوية ووجود لبنان الكيان».
الديمان عالخط
وتفاعلت روحيا، سياسيا، أمنيا، قضائيا، أمس، مسألة التوقيف، حيث عُقِدَ اجتماع طارئ في الديمان للمجمع الدائم (الهيئة الاستشارية المصغرة ) برئاسة البطريرك الراعي، صدر على إثره بيان شديد اللهجة، ندّد بما حصل مع المطران الحاج، خاصة بعد تأكيد معلومات صحفية أنّ البطريرك الراعي مستاء من توقيف المطران ومن القاضي عقيقي، ويعتبر أنّ مَنْ يريد إيصال رسالة له قد وصلت، لكنّه لن يحيد عن مواقفه، مشيرة (المعلومات) إلى المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم اتصل بالراعي، وأبلغه بأنّ التوقيف ونزع جواز السفر، إضافة إلى إعادة منعه من السفر، كان تنفيذاً لقرار قضائي. 
وأشار ​المطارنة الموارنة​ في بيانهم إلى أنّه «ما كانت البطريركية تظن أنه يمكن أت تصل الى زمن يتم التعرض فيها لأسقف دون وجه حق، من دون العودة الى مرجعيته الكنسية العليا التي كان لها الدور الأول بتأسيس الكيان ​اللبناني​«، داعية إلى «مواجهة هذا التطاول وتصحيحه بمحاسبة كل مسؤول عما جرى مهما كان منصبه حتى إقالته، فما حصل أعادنا الى زمن الإحتلال حين كان الغزاة يحاولون ​النيل​ من ​الكنيسة​ والشرق، ومن خطط وأمر ونفذ غاب عنه أن ما قام به لم ولن يؤثر على الصرح البطريركي الذي صمد أمام ممالك ودول زالت وبقيت البطريركية».
وإذ لفت البيان إلى أن «المطران الحاج يلتزم توجيهات ​البطريركية المارونية​ ورسالة ​الفاتيكان​ القيام بواجباته بخدمة الحق»، أكدت أنّه تمت «مصادرة جواز سفر المطران الحاج اللبنانيّ وهاتَفه وأوراقَه والمساعداتِ الطُبيّةَ والماليّةَ التي كان يَحمِلها إلى المحتاجين والمرضى في لبنان من كلّ الطوائف ومن محسنين لبنانيّين وفلسطينيّين، لأنّ دولتَهم لم تُحسن في السنواتِ الأخيرة إدارةَ البلاد لتؤمّن لشعبها حاجاته الأساسيّة».
وجدّد البيان «رفض وشجُب واستنكر بأشدِّ العبارات ما اقتُرف عن سابقِ تصوّرٍ وتصميم، وفي توقيتٍ لافتٍ ومشبوه، ولغاياتٍ كيديّة معروفة، بحقِّ المطران الحاج»، مطالباً «بوقفِ هذه المسرحيّة الأمنيّة/القضائيّة/السياسيّة، وإعادةِ كل المساعدات التي احتُجزت إلى سيادة المطران لتَصلَ الأمانات إلى أصحابها الذين ينتظرونها، وإغلاقِ هذه القضيّة فورًا»، ومستغرباً «صمت الدولة تجاه ما تعرّض له صاحب السيادة، كما على وزير العدل إتّخاذ الإجراءات المسلكيّة اللازمنة بحقّ كلّ من تثبت مسؤوليّته في فعل الإساءة المتعمّد».
ذكّر البيان ختاماً بأنّها «ليست المرّة الأولى التي يَقترف فيها مفوّضُ الحكومةِ لدى المحكمةِ العسكريّة أعمالًا خارج الأعراف والمألوف. لذلك نطالب أيَضًا مدّعي عام التمييز إحالة القاضي عقيقي إلى التفتيش القضائيّ وتنحيته. ونجدّد مطالبتنا باستقلاليّة القضاء عن السلطة السياسيّة».
مواقف مندّدة
{ وفي ردود الفعل، اتصل الرئيس أمين الجميل بالبطريرك الراعي مستنكرا، فيما قال النائب نديم الجميّل من الديمان: أتضامن مع الصرح البطريركي الكبير ونبّهنا أكثر من مرة إلى أنّ لبنان يذهب بتوجّه لا يشبهه ولا يشبه الحرية والديمقراطية وما حصل مع المطران موسى الحاج عمل مرفوض.
{ فغرّد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل عبر «تويتر»، قائلاً: «صحيح أن القانون اللبناني يحرّم نقل الأموال من الأراضي المحتلة ويعتبره جرم، ولكن هل في ذهن أحد ان يعتبر مطراناً عميلاً لأنه يحاول مساعدة عائلات تمّ افقارها على يدّ منظومة سلبت اموال كل اللبنانيين؟ وبأي خانة يوضع تهريب الزعماء-العملاء اموالهم الى الخارج وسرقة أموال المودعين وتعب عمرهم؟ وبأي خانة توضع حماية ومكافأة العقل المدبّر والحاكم لأكبر عملية سطو جماعي بتاريخ لبنان والبشرية؟».
{ وأشار عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب شوقي الدكاش من الديمان، إلى أنه وضع نفسه بتصرّف البطريرك الراعي والمطارنة، مُذكّراً بأنّ «القوات اللبنانية» تطالب منذ سنوات بالدولة ومؤسساتها وباحترام هيبتها وقضائها، وبأنها لا تراهن إلا على الشرعية، حذّر من يعنيهم الأمر قائلاً «ما تجربونا.. وإذا ظنوا أنه من خلال ما جرى، بإمكانهم الضغط على صاحب الغبطة، فأنا أؤكد لكم أنهم لا يعرفون تاريخ بكركي ولا تاريخ الـ76 بطريركاً السابقين، لا البطريرك الراعي ولا الكنيسة المارونية يمكن أن تمارس عليهما الضغوط». 
{ وقال عضو تكتل «الجمهورية القوية» زياد الحواط عبر «تويتر»: «توقيف المطران موسى الحاج واخضاعه للتحقيق ممارسة ساقطة من المنظومة السياسية القضائية المتحكمة بلبنان، تعرّي قضاء غب الطلب العامل لخدمة مصالح سياسية مكشوفة. آن الأوان لوضع حد للمحاكم الاستثنائية لا سيما المحكمة العسكرية وتحقيق المساواة بين اللبنانيين في خضوعهم لقضاء واحد».
{ بدوره، أعلن الاتحاد ​الماروني​ العالمي في بيان، عن أنّ «المطران الحاج ولو كان لبناني الجنسیة فهو یتبع لدولة الفاتیكان ویعتبر شخصیة دیبلوماسیة بتمثیله للكنیسة، ومن هنا فان التعرض له یخرق مفاهیم العلاقات الدیبلوماسیة واصولها»، طالباً وقف «أي إجراء اتخذ بحق المطران، والاعتذار منه ومن الكنیسة المارونیة التي یمثل والتي ساهمت ولا تزال برفع شأن لبنان وحمایته عبر العصور وقدمت الغالي والرخیص في سبیل بقائه».
وإذ اعتبر الاتحاد أنّ «القاضي عقیقي قد أخل بقواعد التعامل والاصول وتعدى صلاحیاته في توجیه اهانة واضحة لكل الموارنة في العالم لا بل اللبنانیین الذین یحترمون قواعد اللیاقة والاصول الدیبلوماسیة، والاجدر بالمسؤولین عنه اقالته من وظیفته بعد تكراره تجاوز القوانین والتدخل تتعدى صلاحیاته»، أشار إلى أنّه «على ما یبدو ینفذ عقيقي تعلیمات الحرس الثوري الایراني وافرازاته ویتعمد اذلال اللبنانیین الاحرار وقمع حریة التعبیر عن الرأي التي میزت لبنان في هذه المنطقة من العالم»، مُهيباُ بـ»قائد الجیش ​العماد جوزاف عون​، الذي یتبع له هذا الضابط بإقالته فورا من مهمته واستدعائه للتحقیق في قیادة الجیش عن كل التجاوزات التي قام بها والتي تشوه صورة الجیش والعدالة».
{ أما رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام الاب عبدو أبو كسم فـ»استنكر التعاطي مع المطران موسى الحاج»، وقال: «هذا الاسلوب غير مألوف وقد اثار نوعا من الغضب والاستهجان لدى العديد من رجال الدين والمدنيين المسيحيين، فالمطران ليس مجرما ونحن بانتظار موقف البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وما سيبنى عليه. لا يمكن ان يتحرك اي رجل دين للاستجواب او القضاء بدون اذن من رئيسه الكنسي الذي هو البطريرك».
{ ودان المجلس التنفيذي للرابطة المارونية برئاسة السفير خليل كرم بشدة، «توقيف النائب البطريركي الماروني على القدس والأراضي الفلسطينية والمملكة الهاشمية، في مركز معبر الناقورة المطران موسى الحاج قادماً من الأراضي الفلسطينية المحتلة. وهو أمر درج عليه أسلافه المطارنة الذين خدموا رعايا أبرشية الأراضي المقدسة، ولم يتعرضوا إلى المساءلة أو المضايقة. وإن توقيف المطران الحاج  لساعات طوال، ومصادرة جواز سفره وهاتفه الخليوي هو إجراء غير مقبول مهما كانت تبريراته». 
{ واستنكرت الرابطة المارونية، في بيان «بالشكل والمضمون، ما حصل مع المطران موسى الحاج، وتقف إلى جانب بكركي وتؤيد الموقف الذي سيصدر عن مجلس المطارنة الموارنة في هذا الصدد، والإجراءات التي ستتخذها وسيُبقي المجلس التنفيذي اجتماعاته مفتوحة لمتابعة كافة الخطوات المتعلقة بهذه القضية».