التعيينات الأمنية تسلك بقدرة قادر في مجلس الوزراء اليوم، بعد عمليات «أخذ ورد» بين الرؤساء الثلاثة، تجاوزت حدود معايير الكفاءة في بعضها، وكرست عرف العنصر المستحق في البعض الآخر، ولكن الخلفيات السياسية لم تكن غائبة في حسم الخيارات النهائية.
الوضع الأمني في البلد، وما يجري على الحدود الجنوبية من خروقات وتعديات إسرائيلية يومية، والأحداث الأخيرة في الساحل السوري، كلها معطيات فرضت الإستعجال في إنجاز التعيينات الأمنية، بمعزل عن التشكيلات والمناقلات الإدارية في المراكز القيادية الأخرى، بما فيها حاكم البنك المركزي.
وإذا كانت الظروف الأمنية الضاغطة فرضت الإسراع في ملء الشواغر الأمنية، وعدم الإلتزام بما ورد في خطاب القسم والبيان الوزاري. فإن التعيينات المدنية المقبلة ستشكل إختباراً صعباً لمدى إلتزام السلطة الجديدة بالمبادئ والأسس التي بشّرت بها في إصلاح الإدارة، وإعتماد الكفاءة والخبرة ونظافة الكف، والإبتعاد عن المحسوبية السياسية.
لا يجوز التفريط بمصداقية الرئيسين جوزاف عون ونواف سلام، وما يتمتعان به من رصيد تقدير وإحترام لدى الأكثرية الساحقة من اللبنانيين، ومن قيادات الدول الشقيقة والصديقة الداعمة لخروج لبنان من مسلسل أزماته، بسبب حسابات شخصية وفئوية ضيقة، لا تساعد على تعزيز الثقة بالمسار الإصلاحي والإنمائي الذي يحتاجه البلد، وخاصة في ورشة إعادة الإعمار.
أما رهان بعض الأطراف السياسية على عطب الإنسجام الحالي بين رئيسي الجمهورية والحكومة، والإصطياد في المياه العكرة، فيبقى ورقة خاسرة سلفاً لأصحابها، لأن كل رئيس يحرص على الحفاظ على أجواء الود والتعاون مع الآخر، في إطار إحترام الصلاحيات الدستورية للرئاستين الأولى والثالثة، حيث أكد كل منهما التمسك بما ورد في«الكتاب»، والبقاء تحت سقف الدستور.