حالة العجز السياسي، وما يواكبها من تفلُّت أمني، بدأت تنعكس سلباً على مختلف الأصعدة الإجتماعية والتربوية والأخلاقية، والتي وصلت ذروتها في قطاع التعليم، وتفاقمت في الآونة الأخيرة على المستوى الأخلاقي.
على الصعيد التعليمي، تهدد القرارات التي اتخذها وزير التربية القاضي عباس الحلبي، سمعة التعليم المتميّز في لبنان، والذي حقق نجاحات باهرة لأجيال من الشباب اللبناني، سواءٌ في دراساتهم الأكاديمية العليا في الخارج، أو من خلال المراكز القيادية التي تولَّوها في مختلف قطاعات الأعمال، في البلدان الخليجية، كما في الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية.
إن إلغاء شهادة البريفيه، وإختصار مواد الإمتحانات في الشهادات الثانوية، يصيب مستوى الشهادات اللبنانية في الصميم، ويساعد على الإعتقاد بأن عمليات الهبوط والتراجع التي تضرب المجتمع اللبناني بعد الإنهيارات المالية والإقتصادية، قد وصلت إلى أهم ما يملكه هذا الوطن المنكوب بقياداته السياسية: وهو العنصر البشري المتفوِّق، بمستوى تعليم لا يُضاهى بين دول المنطقة، والذي يُحاكي مستويات الدول المتقدمة، فضلا عن التميُّز بالتفرُّد بإتقان لغتين إلى جانب اللغة العربية.
فعسى أن تكون قرارات الوزير الصديق لسنة واحدة فقط، بسبب الظروف الإستثنائية الراهنة، وتعود الأمور إلى سابق مستوياتها في السنوات المقبلة.
أما التفلُّت الأخلاقي، فبدأ يتجاوز الخطوط الحمراء، ويعصف بالقيم والثقافة الإجتماعية والمواطنية التي يتمسك بها مجتمعنا وعائلاتنا، ووصل إلى حد التعرض للمعتقدات الدينية، والإستهزاء بالأنبياء والرسالات السماوية، في مشاهد غير معتادة في بيئتنا اللبنانية.
ليس تفصيلاً أن يتم كشف عصبة شيطانية للتغرير بالأطفال واليافعين، والمتاجرة بمشاهد عمليات إغتصابهم، وجمعهم في حفلات شذوذ جماعية، تحت المخدرات والتخدير المتعمد، مقابل حفنة من الدولارات، يتم جمعها من بيع أفلام الإغتصاب والشذوذ، لعملاء ومواقع الكترونية تعيش على مثل هذه الموبقات.
وتبين أن عوامل الشذوذ والجشع المالي كانت وراء أعمال هذه العصبة، التي لا يشكو أفرادها من فقر أو عوز، أو سوء الأحوال الإجتماعية، بل بينهم أصحاب مهن محترمة وميسورين، لم يتورعوا عن الإنزلاق إلى هذه المهاوي الأخلاقية.
وجاءت قضية المهرِّجة شادت فقيه وكلامها البذيء عن الأديان، وتطاولها على الذات الإلهية، والمعتقدات الدينية عند المسلمين والمسيحيين، لترسم الجانب الآخر من التفلُّت الأخلاقي، الذي لا يراعي حرمة الإيمان، ولا قدسية الأديان، ويحاول أن يزرع الفاحشة في المجتمع، في أجواء لا تمتُّ إلى السلام الإجتماعي بصلة.
نحن نعيش في زمن تلاشي الدولة، وفقدان هيبتها، وضياع المجتمع في أزمات جهنمية متتالية، الأمر الذي أتاح لمثل هذه الطفيليات أن تنبت، وتُعيث فساداً وشذوذاً، دون حسيب أو رقيب!