ماذا تنفع كل الجهود والوساطات والإجتماعات التي تُعقد على مختلف المستويات، وخاصة بالنسبة للقاء الخماسي، وزيارات الموفد الفرنسي، والمبعوثين القطريين، إذا بقيت هذه القطيعة بين الأطراف السياسية في لبنان، وتعثر مساعي عقد طاولة الحوار؟
تعقيدات الأزمة اللبنانية تزداد تفاقماً، كلما تأخر التوصل إلى صيغة لإنتخاب رئيس الجمهورية وإنهاء الشغور الرئاسي، وإعادة تعويم الدولة ومؤسساتها الدستورية والرقابية، لتنفيذ الإصلاحات المنتظرة منذ أربع سنوات، والذي يؤدي تأخرها إلى تأخر عودة الثقة بالدولة والسلطة السياسية، وفق الإنتقادات المستمرة من صندوق النقد الدولي، والتي كان آخرها في البيان الذي أذاعه رئيس بعثة الصندوق، إثر زيارته الأخيرة إلى لبنان في الأسبوع الماضي.
ورغم الضغوط الخارجية، وما يواكبها من تحذيرات متكررة من حاكمية البنك المركزي، بسبب قرب نفاد البقية الباقية من الإحتياطي، خلال فترة أقصاها نهاية العام الحالي، مازال أكثر من طرف في المنظومة السياسية الفاشلة يتصرف وكأنه يملك ترف هدر المزيد من الوقت في المناورات الرئاسية الفارغة، ويتمسك بعناد مواقفه المعطلة للعملية الإنتخابية، دون الأخذ بعين الإعتبار مخاطر إستمرار الإنهيارات المتلاحقة، والتي ستؤدي في النهاية إلى سقوط السقف فوق رؤوس الجميع.
الكلام الذي نشرته «اللـــواء» أمس للرئيس نبيه برّي، حول آلية الجلسات المفتوحة والدورات الإنتخابية المتتالية، قطع الطريق على محاولات التشكيك بجدية دعوة رئيس المجلس لإجراء الإنتخابات الرئاسية في أسرع وقت ممكن، وفور إنتهاء الأيام المخصصة للحوار، حيث أكد بأن الدورات الإنتخابية ستستمر على نمط دورات إنتخاب بابا روما، مما قد يعني إستمرار النواب في المجلس ساعات مديدة، أو عقد جلسات مفتوحة لأيام متتالية.
ولكن يبدو أن الوصول إلى جلسات الإنتخاب يتطلب المرور عبر أبواب الحوار، بغض النظر عن الشكل الذي سيتخذه هذا الحوار، سواءٌ بمشاركة كل المكونات السياسية، أو بمن حضر فقط، بعد إصرار حزبي القوات والكتائب على رفض الحوار قبل الإنتخاب، ومهما كانت النتائج التي سيتوصل إليها الحوار.
وبإنتظار ظهور الخيط الأبيض من الخيط الأسود في مساعي دول اللقاء الخماسي، ستبقى المراوحة الداخلية تدور حول : «دجاجة» الإنتخاب أولاً، أم «بيضة» الحوار ؟!