بركان الشرق الأوسط يغلي منذ فترة، ويقترب ،على ما يبدو ، من مرحلة الإنفجار الشامل، وقذف الحمم المدمرة، دون إعطاء فرصة مناسبة للعودة إلى طاولة الحل الديبلوماسي قبل فوات الآوان.
الواقع أن الهجوم الصاروخي الإيراني، على كثافته، جاء ضمن قواعد الإشتباك المعمول بها حتى الآن، حيث حرصت طهران على إبلاغ واشنطن مسبقاً يالضربة، والإدارة الأميركية قامت بدورها في إبلاغ تل أبيب قبل فترة من انطلاق الصواريخ الإيرانية، مما يُفترض أن الإسرائيليين أخذوا الوقت الكافي للاستعداد لمواجهة هذا الرد، وبالتالي محاصرة خسائره في أضيق نطاق ممكن.
المسارعة الأميركية للمشاركة في التصدي للصواريخ المنهمرة من طهران، لم يكن مفاجئاً، لأن الرئيس الأميركي جو بايدن، سبق له وأصدر تعليمات للبنتاغون بإعادة تموضع القوات الأميركية في المنطقة، لتكون على إستعداد لإحباط أي هجوم جدّي يهدد الدولة العبرية.
وقوع حرب إقليمية بين إيران إسرائيل، ليس قدراً حتمياً، بل يبقى في إطار الإحتمالات الواردة، في ظل هستيريا الحرب المهيمنة على نتنياهو وفريقه اليميني المتطرف، رغم التصريحات الأميركية المتعددة، والتي تكرر حرص واشنطن على تجنب إندلاع حرب واسعة في المنطقة.
لكن الموقف الأميركي موضع ريبة دائمة، قياساً على التصريحات المعلنة بضرورة
وقف النار في لبنان فوراً، والعودة إلى تطبيق القرار الأممي ١٧٠١، وفق النداء الصادر في نيويورك عن الولايات المتحدة وعشرة دول كبرى أوروبية وعربية وآسيوية، والذي سرعان ما إنقلبت واشنطن عليه، بعد ٧٢ ساعة، عندما أشادت بعملية إغتيال السيد حسن نصرلله. وما تلاها من عملية برية إسرائيلية في الجنوب اللبناني، بحجة "تنظيف" قواعد وأنفاق حزب لله.
إنفجار بركان الحرب الشاملة في المنطقة، لا بد أن تصيب شظاياه لبنان، الغارق أصلاً في حرب العدو الإسرائيلي الشرسة، والتي تنشر القتل والدمار في الأحياء السكنية، وتمارس أبشع أساليب الإجرام ضد المدنيين، ومعظمهم من الأطفال والنساء، وفق بيانات وزارة الصحة.
إن مواجهة الأخطار المصيرية التي تحملها الأيام المقبلة، يكون بالإسراع في لملمة الوضع الداخلي، وطوي صفحة الخلافات والإنقسامات، ونزول الجميع عن الشجرة، والبحث في حلول وسط وواقعية، تُعيد الحياة إلى شرايين الشرعية، وتستعيد هيبة الدولة ومكانتها في الداخل والخارج.
لقد فتح الرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي أبواب التسوية على مصراعيها، عندما أعلن الثاني إتفاقهما على إنتخاب رئيس توافقي، فور الوصول إلى وقف إطلاق النار في الحرب الإسرائيلية ضد لبنان، والعودة إلى تطبيق القرار ١٧٠١.
فهل على لبنان أن ينتظر نتائج الكباش الإيراني - الإسرائيلي ؟