16 كانون الثاني 2023 12:00ص ليس بالرواتب وحدها يتعزز القضاء..

حجم الخط
التدخلات السياسية والضغوط الحزبية وضعت القضاء في حالة لا يُحسد عليها، سواء بالنسبة للحفاظ على وحدة القضاة، أو أمام محاولات النيل من إستقلالية القضاء.
بدأ المسار الإنحداري في القضاء مع توقيف رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون التشكيلات القضائية التي أعدها مجلس القضاء الأعلى، بأكبر قدر ممكن من النزاهة، وفي إعتماد مبدأ الكفاءة. إنتهى العهد العوني، وخرج الجنرال من قصر بعبدا، تاركاً مشروع التشيكلات القضائية نائماً في أدراج المقر الرئاسي.
تجميد المناقلات القضائية في النصف الثاني من العهد المنصرم، لم يؤدي إلى «بنشرة» مسار القضاء، وإجهاض محاولة الإصلاح التي قادها رئيس مجلس القضاء سهيل عبود بالتعاون والتنسيق مع المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات وحسب، بل عمد فريق العهد إلى إطلاق يد بعض القضاة، المحسوبين عليه سياسياً، في إرتكابات إستفزازية ومثيرة للجدل، بحجة ملاحقة بعض «الفاسدين»، وما قامت به القاضية غادة عون، ذهب مثلاً للملاحقات الإستنسابية لخصوم العهد.
وجاءت الضربة الثانية للقضاء بعد فترة، من خلال الإضراب المفتوح، أو الإعتكاف الذي أعلنه القضاة في آب الماضي، وإستمر ستة أشهر بقيت خلالها قصور العدل في لبنان أسيرة الفراغ، وتراكم الغبار في قاعات المحاكم، فيما مصالح الناس، وأرزاق المحامين بقيت معطلة، الأمر الذي ساهم فى إكتظاظ نظارات التوقيف في المخافر والسجون وقصور العدل في مختلف المناطق، فضلاً عن إبقاء مصير ألاف الموقوفين معلقاً على إنهاء الإعتكاف، بعدما إمتنعت النيابات العامة عن الرد على برقيات المخافر للحصول على قرارات إخلاء السبيل.
إصلاح القضاء لا يتم بالتركيز على الرواتب والإمتيازات فقط، مع أحقيتها طبعاً، بقدر ما يجب وضع قواعد وأسس لتفعيل عمل القضاة، وتحديد مهل زمنية لإنجاز المحاكمات، وتبديد الصورة النمطية عن سير العدالة السلحفاتي في لبنان، وإنهاء عهود الشكاوى التي تبقى سنوات وسنوات في دهاليز قصور العدل. إلى جانب العمل، بالأهمية ذاتها، لتأمين الإستقلال الفعلي للقضاء، ووقف تدخلات السياسيين لدى القضاة.
فهل ثمة إرادة جدّية لإصلاح وتفعيل القضاء؟

د. فاديا كيروز