بسم االله الرحمن الرحيم
الحمدُ للّهِ الذي أنعمَ علينا بِنِعَمهِ وهدانا إلى سَبِيلِ الخيرِ والعطاء، والصلاةُ والسلامُ على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبهِ أجمعين.
صاحبَ الرعايةِ سماحةَ مُفتي الجمهوريةِ اللبنانية، الشيخ الدكتور عبد اللطيف دريان،
دولةَ رئيسِ مجلسِ النواب، الاستاذ نبيه بري مُمَثلاً بسعادة النائب محمد خواجة،
دولةَ رئيسِ مجلسِ الوزراء، الدكتور نواف سلام مُمَثلاً بمعالي وزير الداخلية والبلديات العميد أحمد الحجار،
مُمَثلي رؤساءِ الحكوماتِ السابقين،
معالي الوزراء، سعادةَ النُّواب، أصحابَ السَّماحةِ والسِّيادةِ والفضيلة،
سعادةَ السفراءِ والقناصل،
مُمثلي قادةِ الأجهزةِ العسكريةِ والأمنيةِ والقضائيَّة، رُؤساءُ وأعضاءُ الهيئاتِ الاقتصاديَّةِ، والاجتماعيَّةِ، والنِّقابيَّةِ، والإعلاميَّةِ، والثقافيَّةِ، والاغترابيَّةِ، والرياضيَّة،
أصحابَ الأيادِي البيضاء... السلامُ عليكم ورحمةُ االلهِ وبركاتُه،
بدايةً، يَطِيبُ لنا أن نُرَحِّبَ بكم جميعاً في هذا اللقاءِ المُبارك، الذي يَجمعُنا في أجواءِ شهرِ رمضانَ الكريم، شهرِ الخيرِ والبَرَكة، وفيهِ يجتمِعُ أَهلُ العَطَاءِ والإحسان، لِتعزِيزِ رِسالةِ الزَّكَاة، الرُّكنِ الثَّالِثِ مِن أَركانِ الإسلام، الذي به تَزْكُو النُّفوسُ وتُطَهَّرُ الأَموال، وتَتَحقَّقُ العَدَالَةُ الاجتماعيَّة، ويَعُمُّ الخَيرُ أَرجَاءَ المجتمع.
إنَّ فريضَةَ الزَّكاةِ ليسَتْ مُجرَّدَ عِبَادَةٍ مَالِيَّةٍ فَحَسْب، بل هي مسؤوليةٌ اجتماعيةٌ، تُسْهِمُ في دَعمِ المُحتاجين، وتَعزِيزِ التَّكَافُلِ بَينَ أَبنَاءِ المُجتمع، والتَّخفِيفِ مِن وَطأَةِ الأَزَمَاتِ الاقتصادِيَّةِ على الفِئَاتِ الأَكثَرِ ضَعفاً. وهي فريضةٌ تَمْتَدُّ آثَارُها إلى كُلِّ جَوَانِبِ الحياة، فَتُقَوِّي الرَّوابِطَ بَينَ النَّاس، وَتَسُدُّ حَاجاتِ الفُقَرَاء، وتَرفَعُ مِن مُستَوَى المَعِيشَة، وَتُحَقِّقُ التَّنمِيَةَ المُستَدَامَةَ للمُجتَمَعِ بِأَسرِه.
أيها الحضورُ الكريم،
لقد كان عام 2024 عاماً مليئاً بالتحدِّيات، حيثُ شَهِدنَا تَداعِيَاتِ الحَربِ الإسرائيليَّةِ على لبنان، التي أدمتْ قلوبَ اللبنانيينَ على حَدٍّ سَوَاء، وأرهقتْ مُجتَمَعِنا بأعباءَ ثقيلةٍ في ظلِ ضائقةٍ ماليةٍ وأزمةٍ اقتصاديةٍ خانقة، أرختْ بظِلالِها على كل بيت. وبالرغمِ من تلكَ الظُّرُوفِ العَصِيبة، لم نَتوقَّفْ عَنْ أَداءِ رِسَالَتِنَا، بل وَاصَلْنا العَملَ بإصرارٍ وإيمان. لقد استَطَعنَا – بفضلِ االله، ثمَّ بِفضلِ أهلِ الخير – أنْ نُحقِّقَ إِنجازاتٍ مهمة أبرزها:
• وضعُ حجرِ أساسِ مُستَوصَفِ صُندُوقِ الزَّكَاةِ في راشَيَّا، لِيَكونَ صَرْحاً طِبِّياً، يُخَفِّفُ مِن مُعاناةِ أَهلِنا في هذه المَنطِقَة.
• إفتتاحُ مَسجِدِ المُصطفى، وَمَقَرَّ صُندوقِ الزَّكَاةِ في المِنيَة، ليكونا مَنَارَةً لِلعبادَةِ والخير، وَخِدمَةِ المُجتمع.
• وفي ذُروةِ العدوانِ وآثارِهِ المدمرة، لم نَغفَلْ عَن أَهمِّيَّةِ العِلم، فأطلقنا مُبادَرَة «زكاةُ العِلم»، إيماناً مِنَّا بأنَّ التَّعلِيمَ هوَ السِّلاحُ الحَقِيقِيُّ لِمُوَاجَهَةِ التَّحَدِّيات، وَالحِفَاظِ على مُستقبَلِ الأَجيالِ القَادِمة.
لقد كانت 2024 سَنَةَ الغَرس، وَغَرسنَا بِفضلِ االله مَشارِيعَ الخَيرِ والتَّنمِيَة، وإنْ شاءَ االله، ستكونُ 2025 بدايةَ القِطَاف، حيثُ نَحصُدُ ثِمَارَ العَمَلِ الجَادّ، ونُواصِلُ مَسِيرَتَنا في دَعْمِ أَهلِنا وَتعزيزِ صُمُودِهِم، والتَّخفِيفِ مِن مُعانَاتِهِم.
أيها الحضور الكريم،
نَحنُ في صُندُوقِ الزَّكَاةِ نَعمَلُ تَحتَ مِظَلَّةِ دَارِ الفتوى، هذِه الدَّارُ التي حَرَصَتْ منذُ البدايةِ على أن تبقى صرحاً وطنياً جامعا، ورمزاً في تَرسِيخِ الوَحدَةِ الوطَنِيَّة، وَتعزِيزِ التماسكِ بينَ اللبنانِيِّين، وستبقى - بإذنِ االله – ضَمَانةً لاستِقرارِ الوَطَن، ونُقطَةَ التِقَاءٍ لِجَميعِ أَبنَائه، بعيداً عَن أَيِّ تَفرِقَةٍ أَو تَميِيز.
ولا يَسَعُنا في هذا المَقَام، إلّا أَنْ نَتَوَجَّهَ بِتَحِيَّةِ تَقديرٍ وإِجلال إلى سَماحَةِ مُفتي الجمهوريَّةِ اللبنانية، الشيخ الدكتور عبد اللطيف دريان، على حِكْمَتِهِ ووَطَنِيَّتِهِ، وحِرصِهِ الدَّائمِ على وَحدَةِ الصَّفّ، وعلى الدَّورِ الرِّيَادِيّ، الذي يَقُومُ بِه في قِيَادَةِ دَارِ الفَتوَى بِحِكمَةٍ وَمَسؤُولِيَّة، لِيَظَلَّ هذا الصَّرحُ الإسلامِيُّ العَرِيق، مَنَارَةَ اعْتِدَالٍ وَتَسَامُح، وَعُنواناً لِلوَحدَةِ الوَطَنِيَّةِ التي يَحتَاجُ إليها لبنانُ في هذِه المرحلةِ الدَّقِيقَة.
وفي الخِتام، نَتَوَجَّهُ بِالشُّكرِ لِكُلِّ مَن أسْهَمَ وَسَانَدَ وَدَعَمَ صُندُوقِ الزَّكَاة، سائلينَ االلهَ تَعَالى أَنْ يَتَقبَّلَ مِنَّا وَمِنكُم صَالِحَ الأعمال، وَأَنْ يَجعَلَنَا جميعاً مِنْ أَهْلِ الخَيرِ وَالعَطَاء.
والسلامُ عليكُم ورحمةُ االلهِ وبركاتُه.
* رئيس صندوق الزكاة
كلمة ألقيت في إفطار صندوق الزكاة