يُعدّ التراث السمعي والبصري للمسجد الحرام, أحد أهم الشواهد التي تُوثق لحظات عاشها الملايين من المسلمين على مرِّ العصور، وعبر الصور والمشاهد البصرية القديمة، تظهر ملامح التطور العمراني للمسجد الحرام.
وبحسب الهيئة العامة للعناية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي, فإن تلك الصور البصرية توثق مراحل توسيع المسجد الحرام وتحسين مرافقه لاستقبال الأعداد المتزايدة من الحجاج والمعتمرين، من الصور البانورامية لمكة المكرمة في أواخر القرن التاسع عشر إلى مشاهد التوسعات السعودية، حيث يشكّل هذا التراث البصري مرجعاً تاريخياً مهماً.
صور متنوّعة
ومن الصور التاريخية تُظهر الصورة الملتقطة في عام 1372هـ, إحدى المراحل المهمة في تطوير المسجد الحرام، إذ أضيفت أشرعة لحماية المصلين من حرارة الشمس، ويُعدّ هذا التطوير جزءاً من توثيق تاريخي لمراحل مختلفة من توسعة وتحسين المسجد الحرام ومرافقه.
كما توثق صورة بانورامية تعود لعام 1297هـ (1881م) منظراً شاملاً لمكة المكرمة، بما في ذلك المسجد الحرام وما يحيط به من المباني القديمة والمنازل المتراصة بين الجبال، حيث تُعدّ هذه الصورة من أهم الأعمال البصرية التي تعكس التركيبة العمرانية للمنطقة المركزية في مكة المكرمة في أواخر القرن التاسع عشر، قبل التوسعات والتطورات الحديثة.
ومن الصور أيضاً باب الكعبة المشرّفة في عهد الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه لله- في عام 1363هـ/ 1944م، الذي أمر فيه -رحمه لله- بصنع باب جديد للكعبة المشرّفة، رُكِّب في سنة 1366هـ/ 1947م، هذه الصورة توثق الباب الذي صُنع في مكة المكرمة، ويُعد من أبرز المعالم التي أمر الملك المؤسس عبد العزيز بتنفيذها.
كما تتضمن الصور, صورة للمسعى في حج عام 1374هـ (1955م)، يظهر المسعى خلال فترة التوسعة السعودية الأولى، حيث أضيف سقف جديد لتوفير الحماية من أشعة الشمس والحرارة للحجاج الذين يؤدّون السعي بين الصفا والمروة، هذه التوسعة كانت جزءاً من سلسلة إصلاحات تهدف لتحسين تجربة الحجاج والمعتمرين.
فيما تظهر صورة للملك سعود بن عبد العزيز آل سعود -رحمه لله- في أثناء تفقّده الحجر الأسود في عام 1375هـ/ 1956م، إذ يظهر الحجر بدون طوق الفضة للمرة الأولى استعداداً لوضع الطوق الجديد عليه.
وتحكي صورة للتوسعة السعودية الأولى للمسجد الحرام تعود لعام 1376هـ (1957م), جزءاً من أعمال التوسعة التي تمّت في عهد الملك سعود - رحمه لله -، حيث أنشئت سلالم رخامية متصلة بالشوارع الخارجية، مما سهّل حركة الدخول والخروج من المسجد الحرام وإليه، وتُعدّ هذه التوسعة ضمن سلسلة من التوسعات التي شهدها المسجد خلال القرن العشرين، لتلبية احتياجات الأعداد المتزايدة من الحجاج والزوار.
صور ترميم وتوسعة
فيما تظهر صورة أعمال ترميم سقف الكعبة المشرّفة - في عام 1377هـ / 1958م، حيث تمّت أعمال الترميم على سقف الكعبة المشرّفة بإشراف الملك سعود - رحمه لله -، كما تظهر الصورة، العمال وهم يضعون العوارض والألواح الخشبية عليه لتقوية السقف وحمايته, وتُظهر صورة أخرى الفنيين والعمال في أثناء ترميم جدران الكعبة المشرّفة من الخارج سنة 1377هـ/ 1958م.
وفي عهد الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود -رحمه لله- في سنة 1382هـ / 1962م , تظهر صورة ستارة باب الكعبة في عهده، حيث صنعت ستارة جديدة لباب الكعبة المشرّفة في مصنع الكسوة بمكة المكرمة، وهي ثاني ستارة تُصنع محلياً.
ومن الصور صورة باب الكعبة المشرّفة في عهد الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود -رحمه لله في عام 1399هـ، حيث شهد المسجد الحرام تركيب باب جديد للكعبة المشرّفة بأمر الملك خالد - رحمه لله -، وتُظهر الصورة لحظة خروجه من الكعبة المشرّفة بعد إزاحة الستارة عن الباب الجديد.
كما تظهر صورة أخرى للملك خالد -رحمه لله- يطوف بالكعبة المشرّفة ويبدو في الخلفية ثوب الكعبة المزيّن بلفظ «لله جلّ جلاله» المكتوب بالخط المثنى, أيضاً تظهر إحدى الصور ستارة باب الكعبة عام 1396هــ/ 1976م، حيث صُنعت ستارة جديدة لباب الكعبة المشرّفة في مصنع الكسوة بحي أم الجود بمكة التي كانت تغطي باب الكعبة.
كما تشتمل الصور على صورة تُظهر الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود - رحمه لله - عندما كان ولياً للعهد، وهو يتابع عملية صناعة باب الكعبة المشرّفة الجديد، يرافقه وزير الحج والأوقاف الشيخ عبد الوهاب عبد الواسع، حيث كان باب الكعبة الجديد جزءاً من سلسلة التحديثات التي شهدها الحرم.
وتُظهر الصورة الكعبة المشرّفة، وسقيا زمزم والساحات المحيطة بصحن المطاف قبل التوسعات الحديثة ففي هذه الصورة، يظهر المسعى القديم مغطى بمظلة لحماية الحجاج من الشمس قبل أن يشهد التوسعة السعودية، كانت هذه المظلة تحمي الساعين بين الصفا والمروة قبل أن يتم تحديث المكان بالكامل.
ويكشف الأرشيف الصوتي للمسجد الحرام جانباً من التسجيلات التاريخية التي توثق تلاوات قرّاء المسجد الحرام فمنذ إنشاء المكتبة الصوتية في المسجد الحرام عام 1407هـ، تم جُمع آلاف التسجيلات التي توثق تلاوات قرّاء الحرم، وخطب الجمعة، والدروس الدينية، حيث تُعدّ هذه المكتبة جزءاً من التراث الروحي والسمعي للمسلمين حول العالم، ويجري العمل لتحويل هذه المواد إلى نسخ رقمية لضمان حفظها للأجيال القادمة.