في خطوة جديدة وجريئة وجّه الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة الدكتور نظير عيّاد مناطق الوعظ على مستوى الجمهورية بضرورة تكثيف برامج التوعية الميدانية لوعاظ وواعظات الأزهر خاصة تلك التي تحقق اتصالاً مباشراً مع الجمهور بما يدعم استراتيجية الأزهر الشريف بقيادة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، التي تتعلق بقضية الوعي لدى الناس، وخاصة المقاهي الثقافية التي تشهد غالبا كثافة في حضور الشباب.
المقاهي الثقافية
وطالب الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، بحسب بيان، مديري مناطق الوعظ بالمتابعة الدقيقة لنتائج برامج التوعية التي تشتمل عليها الخطة الأسبوعية لكل منطقة لقياس مدى فاعلية كل برنامج في تحقيق نتائج إيجابية تنعكس على تحقيق الاستقرار المجتمعي، وتدعم ترسيخ القيم الإيجابية بين الناس جميعاً.
كما أوصى عيّاد مناطق الوعظ بأهمية ابتكار أفكار جديدة للتواصل مع الجمهور تستكمل الجهود التي تحققها البرامج الحالية ومنها: المقاهي الثقافية والحلقات النقاشية التي أثبتت قدرتها على تحقيق تواصل إيجابي مع الجمهور لاعتمادها على خطابي دعوي مستنير يوضح للناس ما اختلط عليهم من مفاهيم ويفتح معهم حواراً متبادلاً وفاعلاً، لافتا إلى أن التجربة تهدف لتقديم الأفكار التوعوية من خلال 27 منطقة وعظ على مستوى الجمهورية، وكل منطقة بها عدد من الوعاظ، وهؤلاء الوعاظ يعملون ميدانياً ولا يقتصرون على إلقاء الدروس في المساجد، بل فضّلوا النزول للمواطن أينما كان.
كما أشار إلى أن فكرة المقاهي الثقافية وانتشار الوعاظ على المقاهي والجلوس مع الشباب والرد على أسئلتهم حازت إعجاب الجمهور، الذين عبّروا عن رغبتهم في تكرار هذه الزيارات بشكل كبير.
عبد الباقي
من جهته، أشار الشيخ علي عبد الباقي، الأمين العام الأسبق لمجمع البحوث الإسلامية، إلى أن خطوة الأزهر للتواصل مع رواد المقاهي والنزول بالدعوة إلى العمل الميداني دون الاكتفاء بالمساجد والمكاتب والندوات هي خطوة إيجابية تستوجب الإشادة والتفاعل معها ومؤازرتها، حيث إن أي دعوة يتحدد نجاحها بما تستحدثه من وسائل للانتشار والتواصل مع المجتمع بالصورة التي يحتاجها خاصة في ظل الوسائل المتنوعة والمتعددة التي نشهدها من «سوشيال ميديا» وبرامج تفاعلية ومنصات عالمية أوجدت تطور رهيب جداً عما كانا عليه.
وقال إن الأزهر لم يغب عن المجتمع يوماً ما بل تعمّد البعض تغييبه منذ الثمانينات ومكّنت جماعات التطرف والاخوان الإرهابيين الذين كانت المقاهي يوماً ما سبباً في انتشار حركتهم وأفكارهم المتطرفة، ما يجعل المواجهة الفكرية في المقاهي سلاحاً فعّالاً يحمد للأزهر الشريف استخدامه لما تمثله من تنوّع ثقافي وفكري وعمري، مبيّناً أن الأزهر بما يحمله من فكر وسطي تتطلبه الدولة المصرية في مرحلة البناء الجديدة يجب أن يكون محل إجماع لا هجوم أو استهجان من قبل البعض، وأن الحكمة تقتضي انتظار نتائج التجربة لا مهاجمتها ومحاولة وأدها.
كما شدّد على أن الأزهر يحاول من خلال تواجده بالمقاهي إيجاد المكان المناسب كي يعيد لهؤلاء الشباب والحفاظ عليهم وتغذية الانتماء للوطن والدين، مطالباً بضرورة إيجاد حلول عملية لقناة الأزهر كي تكون سبيلاً لتحقيق الرسالة المثلى ودعم جهوده في الانتشار.
الورداني
أما الدكتور محمد الورداني، مدير المركز الإعلامي بمجمع البحوث الإسلامية، فأكد أن المقاهي الثقافية هو أحد البرامج العامة ونوع من التواصل الجماهيري مع الناس الذي بدأ في المصانع والشركات والنوادي وقصور الثقافة، مشيراً إلى وجود شريحة كبيرة لم يكن هناك اتصال معها تمثلت في رواد المقاهي فبدأ الوعاظ في النزول إليهم عن طريق الترتيب مع أصحاب تلك المقاهي للوقوف على طبيعة المتواجدين واهتماماتهم والقضايا التي تشغلهم.
ولفت إلى أن الأمر ليس محاضرة أو درس يعطى بقدر ما هو محاورة وعرض مفاهيم يصل من خلالها الطرفين لاتفاق لا يخالف شرع الله ولا العرف المجتمعي، مشددا على أن الفكرة بدأت بالانتشار من الأقصر ثم إلى سوهاج بالإسكندرية ومنها للقاهرة والوجه البحري ثم تعميمها بعد أن لاقت رواجاً وإقبالاً كبيراً.
مشدّدا على أن التجربة قريبة من لجان الفتوى التي انتشرت بمترو الأنفاق وكان هدفها النزول للمواطن وتسهيل حصوله على الفتوى دون تعطيل لحركة الحياة، وأنها الآن تجد مطالبات بإعادتها في المقاهي بناءً على طلب من الناس.
الصوفي
من ناحيته، أكد الشيخ هشام محمود الصوفي، الواعظ بالأزهر الشريف، إنه لا يخفي على أحد حالة التردي الأخلاقي والغزو الفكري الممنهج الذي يتعرض له كل فئات المجتمع، واقتصار الدعوة على الفئات التي تشهد المساجد فحسب لم يأتِ بالثمار المرجوّة، لذا كانت الحاجة ماسّة إلى تعدد الأنشطة الدعوية لحماية الشباب من محاولات مسخ هويتهم ومحاولات جرّهم إلى طرائق التطرف والعنف، فالدعوة عبر المقاهي تساهم في استقرار المجتمع وتماسكه.
وتابع إن المبادرة لاقت ترحيباً شديداً من الجمهور ولم نرَ هجوماً عليها إلا من التيار العلماني غالباً والذي بدوره وفكره لا يقبل بتنوع وسائل الدعوة ولا بنشر ما له صلة بالدين عبر منصات الشباب المتنوعة، مشدّدا على أن علماء الأزهر الشريف مستمرون في أداء أمانة الدعوة عبر كل وسيلة ممكنة لإعلاء جوهر الدين الحنيف وإنقاذ ما يمكن إنقاذه وتحرير عقول الشباب من الشهوات والشبهات.