بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 تموز 2024 12:00ص معاني ودروس من الهجرة النبوية الشريفة

حجم الخط
الأمتان العربية والإسلامية تستقبلان السنة الهجرية بفرح عظيم. العام 1446/ السادس والأربعين بعد الأربعمائة والألف من هجرة النبي محمد بن عبد الله الهاشمي القرشي وصحبه ومن آمن به وبرسالته ومن أهل بيته الكرام من مكة المكرمة حيث منّ الله تعالى بمولد النبي وانبعاث دين الإسلام ورسالته السمحاء وبالقرآن الكريم الذي أنزله الله تعالى قرآنا عربيا لعلكم تعقلون، وكانت الهجرة بأمر من الله الى نبيه ورسوله من مكة المكرمة دون غيرها من أمكنة الدنيا كلها الى يثرب المدينة التي أنارها الله دون غيرها أيضا بنورين نور الرسالة المحمدية ومدينة هجرة الرسول التي قادها وأصحابه الكرام وفي مقدمتهم أسياد الإسلام والمسلمين الأوائل وأبي بكر الصديق وهو الخليفة الأول لجميع المسلمين خليفة رسول الله تلاه بعد الوفاة، خليفة خليفة رسول الله سيد قومه وأعظم قائد إسلامي عربي على صعيد العالم كله، فقدّم للإسلام بعناية من الله سبحانه وتعالى ما لم يقدمه أحد منذ ولايته الخلافة حتى الآن وهذا القائد العربي الإسلامي فتح مدينة القدس وأعلنها المدينة المنورة بنور الإسلام دين الله ونور نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
وأصبحت يثرب المدينة المنورة وعلى أرضها المباركة كانت الاخوة الإسلامية التي لم تعرف البشرية مثيلا لها إيمانا صادقا من أمة صادقة واستجابة لدعوة النبي الصادق محمد الأمين الإسلام الحنيف الواحد الموحّد بنبيه الواحد المختار والمكلّف من الله عزّ وجلّ أن يكون نبي أمة كانت خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله.
وكان الخليفة عمر بن الخطاب رجل المناسبة لكل زمن حتى للزمن الذي نحن فيه. وما بعد ذلك حتى يرث الله الأرض وما عليها، حيث شاعت فيه عبادة القوة الطاغية واقترن اسمه وقيادته الفريدة في التاريخ الإسلامي بدولة الإسلام، ففتح القدس الشريف ومنح غير المسلمين من أهلها العهدة العمرية وفتح امبراطوريات كبيرة منها دولة الفرس ودولة الروم ونقلها من الكفر الى الإيمان ومن عبادة النار والأصنام الى عبادة الله الواحد الديّان.
وكان الخليفة الثالث بعد الخليفة عمر بن الخطاب عثمان بن عفان وأضيف إليه ذي النورين بسبب زواجه من ابنتي رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، كانت شهرته الكبرى بالسخاء والاريحية، فنزل عن ماله لتسيير جيش في سنة العسرة، ونزل عن ماله لشراء بئر يستقي منها المسلمون بغير ثمن ثم نزل عن ماله لتوسعة المسجد، ثم لحمل المغارم وإغاثة الملهوف والبر بالأقربين والأبعدين وبلغ الذروة من محاسبة النفس، ومن بين أعماله الجليلة التي ينفرد بها رضي الله عنه ويوازيها جميعا يذكر باسمه حيث يذكر المصحف الشريف، المصحف العثماني المنسوب إليه وهي أهم حسنة وأعظمها له في تاريخ الإسلام.
وجاءت خلافة الإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه وتلتقي سيرته رضوان الله عليه بالفكر ويروى عن النبي محمد صلوات الله عليه وسلم، قوله (أنا مدينة العلم وعلي بابها)، فهو صاحب آراء في التصوف والشريعة والأخلاق سبقت جميع الآراء في الثقافة الإسلامية، ويصفه الكاتب الكبير عباس محمود العقاد في ملحمته «العبقريات»، انه كان أديبا بليغا يقتدي به المقتدون، فهو الحكيم الأديب، والخطيب المبين والمنشئ الذي يتصل انشاؤه بالعربية ما اتصلت آيات الثائرين والناظمين. وكان له رضي الله عنه قوة جسدية بالغة في المكانة والصلابة على العوارض والآفات، وقيل عنه: لا فتى إلّا علي، ولا سيف إلّا ذو الفقار. انه الإمام علي الذي نام في فراش النبي ليلة الهجرة، وقد علم ما تأتمر به مكة كلها من قتل الراقد على ذلك الفراش.
وكانوا هؤلاء الخلفاء الأربعة الخلفاء الراشدون قادة الإسلام والمسلمين وحملوا الدعوة الإسلامية دعوة التوحيد كما أرادها الله تعالى للعالمين من البشر أجمعين والى يوم الدين الى أن يرث الله الأرض وما عليها وهو العزيز الحكيم.
ونعود لحدث الهجرة وهو من أفعال المجد المحمدي وعظمته امتثالا لأمر الله وبها كانت دولة الإسلام والوجود الدولي للمسلمين صاروا أمة متوحدة لها شعارها الخاص ونظامها الخاص وأهدافها بتعميم الدين الحنيف - الإسلام، وقيادتها في الحياة ونظمت حياتهم عبر تشريعات شرعية وعلى قاعدة العدل والمساواة والتآخي بين المهاجرين والأنصار، وبهذه الجهود المضنية أصبحت قوية الأركان شامخة البنيان، وراح كفار مكة يساومون الرسول الكريم في ترك ما يدعو إليه فكانت كلمته الشجاعة: «والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أموت دونه». فاشتدّوا في إيذائه وجمعوا صناديدهم للقضاء عليه بضربة سيف واحدة.
وتمّت الهجرة وكان نصرا من الله وفتح قريب واستقرّ النبي بالمدينة المنورة، وبعد مرور ثمان سنوات على انتصاره بمعركة بدر عاد وأتباعه من المهاجرين والأنصار الى مكة المكرمة فاتحا، وبادر القوم بسؤال: ما تظنون اني فاعل لكم؟ فيقولون: أخ كريم وابن أخ كريم، أجابهم: لا تثريب عليكم اليوم اذهبوا فأنتم الطلقاء.
كانت غاية الذين آمنوا برسالة النبي محمد الذين صدّقوه ونصروه وهاجروا معه تنحصر في توحيد الله عزّ وجلّ والدعوة إليه والى دينه الحنيف وإقرار السلم والعدل في خلقه وانه سبحانه وتعالى يعبد وتنشر دعوته وينبعث نور هديه في كل مكان.
وأنشد أهل المدينة باستقبال كبير للبدر الطالع عليهم فانشدوا: طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا مرحبا يا خير داع، أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع، جئت شرّفت المدينة، مرحبا يا خير داع.